هل يقود الميزان حكومة المونديال؟

حضرت لقاء حزبيا بجماعتي التي اقطن فيها وهي قريبة من العاصمة ،وكان لقاء تواصليا لرجل هادئ وحكيم ،وقوة هذا الزعيم السياسي انه استطاع ان يقود حزبا تاريخيا اهم مرجع في التدبير السياسي بالمغرب ،والذي تمخض عنه العديد من الأحزاب التي تشكل المشهد السياسي بالمغرب ،انه الأستاذ نزار بركة.
بداية القصة
ازداد الوزير، السيد نزار بركة، سنة 1964 بمدينة الرباط. بعد حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1981، التحق بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس حيث حصل سنة 1985 على دبلوم في الاقتصاد القياسي. وقد استقر بعد ذلك، بمدينة مارسيليا الفرنسية من أجل متابعة دراساته بجامعة Aix-Marseille، ليتحصل سنة 1992 على دكتوراه في العلوم الاقتصادية.
بعد خوضه لتجربة التدريس في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس والمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، سيلتحق بوزارة المالية، سنة 1996، حيث سيتقلد فيها عدة مناصب للمسؤولية. وقد شغل السيد بركة منصب وزير منتدب لدى الوزير الأول، مكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، ما بين 2007 و2011؛ ووزيرا للاقتصاد والمالية من يناير 2012 إلى يوليوز 2013 ورئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ما بين غشت 2013 ودجنبر 2018.
انتُخب أميناً عاماً لحزب الاستقلال شهر أكتوبر 2017. كما قاد الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية حول الجانب الاقتصادي وقاد اللجنة العلمية لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ )كوب 22(. وعلى مستوى اللجان الثقافية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني، ينشط السيد نزار بركة داخل هياكل مجموعة من المنظمات والجمعيات الوطنية والدولية، وقد عينه جلالة الملك عضوا بلجنة ابن رشد لتقوية التعاون بين المغرب وإسبانيا في يناير 2005،
كما ساهم في تقرير الخمسينية حول التنمية البشرية بالمغرب كعضو في مجموعة العمل الموضوعاتية “النمو الاقتصادي والتنمية البشرية”.
وعين السيد بركة عضوا بالمجلس الإداري لمجلس الأخلاقيات والقيم المنقولة سنة 2004، ثم المرصد الوطني للتنمية البشرية في يوليوز 2006، وهو كذلك عضو مؤسس للرابطة المهنية للتفكير والتوجيه، وعضو المجلس الإداري للجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية.
حصل السيد بركة على جائزة “أفضل وزير مالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2012″ و”وزير المالية لعام 2012” من قبل The Banker، وهي مجموعة صحفية مرجعية لFinancial Time. كما حصل على لقب “وزير مالية العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا برسم سنة 2013″ من مجلة ” Emerging markets “، وهي مجلة مرجعية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
الاستقلال وحكومة المونديال
يمتلك حزب الاستقلال جميع الإمكانات التقنية والسياسية لتدبير مرحلة مابعد حكومة اخنوش ،والتي جمعت انساق ثلاث بخلفيات مختلفة وهجينة ،ولذلك فهذا الحزب التاريخي مرجعي وله من الرصيد السياسي والاجتماعي والجماهيري ما يجعله عامل امن وتحفيز لاخراج المشهد السياسي بالمغرب من أزمة الثقة في العمل السياسي وخاصة النخب المرجعية التي راهنت على التيارات الشعبوية في تقديم مشروع سياسي واضح وخاصة بعد حكومة البلوكاج.
كما ان المشروع السياسي لحزب الاستقلال يشكل جسر تواصل بين النخب التي رجعت الى الميزان بعد تجربة شباط التي كادت ان تعصف بمشروعها السياسي ،وقوة خطاب الحزب في هاته الفترة ،هو الحضور الاجتماعي القريب ،والتقاط الرسائل السياسية واواقعية التي طبعت خطاب امينه العام دون تشنج ودون الخوض في الديماغوجية التي طغت على السلوك السياسي للتيارات الشعبوية في تصديها لخطاب الحكومة ،مما جعل الغالبية العظمى من الطبقات الاجتماعية تعتبر خطاب نزار بركة بمثابة عامل ثقة أساسي في هاته المرحلة .
كما ان علاقة الحزب بجميع التيارات وحتى التي لاتشارك في العمل السياسي من مثيل جماعة العدل والإحسان وباقي التيارات اليسارية علاقة يسودها الاحترام ،مما يمكن ان تكون الية للتواصل السياسي مع نخبها في العمل السياسي بالمغرب .
كما ان قدرته في تدبير مناطق من جنوب وشمال المغرب بليونة ومرون جعل من العديد من الملفات العالقة بسوء تصرف او بيروقراطية تذوب مع وثيرة العمل التي تجسدت في الاوراش التطوعية التي اعتبرها مهندسوا سنة 2025 للتطوع ،كآلية للتواصل القريب مع المواطن في المغرب .
كما ان تحكمه في الوضع الداخلي للحزب وتدبير الاختلاف والتقاطبات جعل من الحزب قوة امان سياسي للدولة وكذا الأحزاب التي تحتاج الى قيادة متوازنة ومرنة لتدبير المرحلة الجديدة .
كما ان مؤشرات التواصل السياسي للحزب ارتفعت بنسب كبرى مقارنة مع الأحزاب الشعبوية التي أضحت غير قادرة على استيعاب التحولات المرحلية التي يعيشها المغرب .
حكومة الميزان وميثاق الأغلبية
بمنهج الأستاذ المهدي المنجرة الخبير الاستراتيجي في علم المستقبليات ،فان جميع المؤشرات دالة على ان المغرب سيقوده حزب الاستقلال ليتم الرجوع بعد عقد من الزمن الى حزب دبر مرحلة مابعد التوافق السياسي التي دشنتها الدولة مع اليسار الحزبي ،وليتم الرجوع مابعد حكومة التكنوقراط الى الحكومة التاريخية التي تشكل امتداد لحكومة الفاسي ابان الاستقلال ،فالدولة التاريخية بالمغرب تحتاج كل عقدين من الزمن السياسي الى مايصطلح عليه بالموجهات الأساسية والتاريخية والتي لايتوفر عليها بالمغرب الا نسقين نسق تاريخي ونسق شعبوي ،والنسق التاريخي الذي يشكله حزب الاستقلال بقوته ومرجعيته قادر على تقديم مشروع سياسي بالمغرب لاعادة التوازن السياسي في المشهد العام بعد تغول الباطرونا الاقتصادية ورجال الاعمال في المشهد السياسي وافضى الى تنامي الازمة السياسية بالمغرب ،وتنامي عزوف على الحياة السياسية ،مما يجعل من الضروري إعادة جسور التواصل مع الأحزاب بالمغرب عن طريق حزب سياسي تاريخ كحزب الاستقلال.
يبقى سؤال محير لمتتبعي الشأن السياسي وخبراء السياسة ، هل ميثاق الأغلبية له من القوة المؤسساتية لكي يتم استثماره في حكومة المونديال ،أي اننا يمكن ان نشاهد تنسيق في الانتخابات التشريعية والجماعية مع مكونات الأغلبية ،حتى تضمن الحفاظ على اغلبيتها ،ام ان الامر سينتهي بنهاية حكومة اخنوش التي لم يتبقى في عمرها السياسي سوى شهور .
ان ميثاق الأغلبية يشكل نموذج للتنسيق المؤسساتي بين أحزاب مكونة للحكومة وهذا الميثاق ربما يتسع للجميع وخاصة ان حزب الاستقلال قادر على اقناع الجميع وخاصة الأحزاب القوية بالحضور بحكومة المونديال .
وخلاصة الامر ان العمل السياسي بالمغرب يحتاج الى قوة مرجعية حقيقية تاريخية تعيد الثقة السياسية في المشهد العام بما يضمن استمرارية الفعل المؤسساتي في ظل تنامي الشعبوية التي تؤسس للمجهول وغياهب الافراط في الجمعي الذي تؤثث المشهد العام بالمغرب ،ويبخس المنتوج السياسي المغرب الذي اصبح استثناء بالمنطقة العربية.
*رضوان بوسنينة، خبير بالمعهد العربي للتخطيط
اترك تعليقاً