متى تسترجع الدار البيضاء مسبحها البلدي ؟

تتميز مدينة الدارالبيضاء عن باقي المدن الساحلية سواء تلك المتواجدة على البحر المتوسط كالحسيمة والسعيدية …أو تلك الممتدة على المحيط الأطلسي كالمهدية أو الجديدة أو أكادير أو الداخلة … بتوفرها على أكبر شريط ساحلي بالمملكة. ولعل هذا ما دفع بسلطات الحماية الفرنسية إلى تحويل جزء من هذا الشريط إلى فضاء للترفيه من خلال تشييد عدة مسابح كمسبح أنفا بلاج ، وأكابيلكو،و ميامي و تروبيكانا والرمال الذهبية. وبغرب الدار البيضاء، وعلى بعد 13 كلم من كورنيش المدينة، كانت سلطات الحماية قد شيدت بعين السبع مسبحا حمل اسم “أوسيانيك كلوب” للترويح عن العمال الفرنسيين والإسبانيين والإيطاليين الذين كانوا يعملون بتلك المنطقة الصناعية. لكن بالإضافة إلى هذه المسابح ، شيد خلال الثلاثينات من القرن العشرين أكبر مسبح مغربي وإفريقي، الذي تم تصميمه من طرف المهندس الفرنسي Maurice L’Herbier و بدأت الأشغال به يوم 14 يوليوز 1934 .
وقد بني هذا المسبح الذي كان يعتبر أول مسبح في العالم في وقته بطول 480 متر و بعرض 75 متر ، على الشريط الساحلي لعين الذياب حيث كان يتوفر على حوض مائي طوله 300 متر، وملعب للرياضات المائية ومجموعة من تجهيزات القفز والغطس في الماء.. وقد حقق هذا المسبح منذ افتتاحه نجاحا كبيرا سواء من خلال توفير الترفيه الصيفي لساكنة المدينة خاصة شباب المدينة القديمة بمختلف أحيائها الشعبية من درب التازي وكارتي كوبا ودرب الجران ودرب الطليان ودرب السنغال …أوتخرج العديد من السباحين المهرة بما فيهم السباح الأسطورة بوديا الذي كان يستطيع العوم والسباحة بيد واحدة رغم إعاقته البدنية .غير أن هذا المركب الرياضي الكبير و المسبح البلدي ، الذي كانت تشرف على تسييره بلدية الدار البيضاء. تم التخلي عنه تدريجيا بعدما تم إغلاقه في وجه العموم ، إلى أن تم هدمه خلال الثمانينات من القرن 20 لتحل مكانه معلمة القرن العشرين مسجد الحسن الثاني الذي شيد فوق الفضاء المائي الذي كان يتربع عليه المسبح البلدي.
وبالتالي ، فمنذ أكثر من أربعة عقود والساكنة البيضاوية بما فيها ساكنة المدينة القديمة تنتظر بفارغ الصبر من السلطات بناء مسبح بلدي يعوض مسبحها البلدي الذي كان من ضمن معالمها التاريخية وجزءا من ذاكرتها الجمعية. إذ على الرغم من بناء بعض المسابح الجديدة كالمسبح الأولمبي بمركب محمد الخامس ، وبناء مسبح “أولاد زيان” الذي شيدعلى أرض جماعية ، بتمويل من مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى وسلم إلى مقاطعة مرس السلطان في انتظار تسجيله ضمن ممتلكات الجماعة الحضرية ، وتشييد مسبح بلدي بتيط مليل ، فمازالت المدينة ترنو إلى استرجاع مسبحها البلدي يكون على غرار مسبحها “الفقيد” ويضاهي على الأقل المسبح البلدي الذي بني بالعاصمة الإدارية الرباط ويفتح أبوابه كل صيف لأبناء هذه المدينة بمختلف فئاتها وشرائحها.
من هنا ضرورة إسراع السلطات ليس فقط في التفكير بل في إنجاز مسبح بلدي يمكن أن يقام على فضاء مسبحين شهيرين من مسابح الدار البيضاء القديمة ، مسبح “إيدن روك”، الذي تم هدمه ، حيث شكل هذا المسبح، على مدى سنوات، الفردوس المنشود للشباب المنحدرين من الأحياء الشعبية، و مسبح الرمال الذهبية الذي كان يتميز بحوضي سباحة جميلين، وخشبات قفز مميزة ومستودعاته الفسيحة التي كانت تستقبل أعدادا كبيرة من تلامذة الثانوي الذين جعلوا منها مكانا للقاء.والذي لم يعد له أي وجود مادي الآن، حيث تم مسح المسبح تماما، ولم يتبق منه سوى الاسم. من هنا ضرورة الإسراع في إنجاز مسابح سواء كانت خاصة أو عمومية، سيما بعدما تم هدم بعض المسابح بدار بوعزة وإشاعة إمكانية هدم ما تبقى من مسابح بكورنيش عين الذئاب . فمدينة ساحلية كالدارالبيضاء تمتد على أطول شريط بحري بالمملكة من غير المقبول منطقيا أن تشكو من قلة المسابح سواء الخاصة أو العمومية في الوقت الذي تبنى فيه مسابح بمدن داخلية كفاس ومراكش وغيرها.
اترك تعليقاً