ربيع المسرح بتارودانت.. عروض وتكريمات وحوارات تنعش الذاكرة الثقافية

تتواصل بمدينة تارودانت فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان ربيع المسرح، الذي انطلقت أشغاله مساء امس الاثنين 26 ماي الجاري بالمركب الثقافي للمدينة، تحت شعار “تارودانت بوابة للإبداع ومنارة للثقافات”.
وشهد افتتاح هذا الملتقى الثقافي أجواء احتفالية متنوعة شملت عروضا فنية تراثية، ومعرضا يوثق لتجربة “مسرح الناس عبر الأجيال”، إلى جانب معرض الكتاب الفني، ومعرض الصناعة التقليدية والمنتجات المجالية، في تجسيد حي لتلاقي المسرح مع مكونات الذاكرة الثقافية المحلية.
وفي الجلسة الافتتاحية التي نشط فقراتها الفنان عبد الله ديدان، ألقى مدير المهرجان الفنان محمد حمزة كلمته، مشيرا إلى أن “ربيع المسرح” أصبح في وقت وجيز موعدا سنويا مرتقبا في الساحة المسرحية المغربية، لما راكمه من ثقة واحترام، ولديناميته الثقافية والتكوينية التي ساهمت في إشعاع مدينة تارودانت وإبراز هويتها الفنية.
واعتبر محمد حمزة أن خصوصية المهرجان تكمن في كونه فضاء يجمع بين الاحتفاء بالرواد والانفتاح على التجارب الشابة، والربط بين المسرح والتربية، وبين الفرجة والبعد المجتمعي، من خلال مسابقة المسرح المدرسي ومسابقة النص المسرحي الموجه للطفل، إيمانا بأن الحس الفني يبنى منذ المراحل الأولى للتكوين.
وفي لحظة وفاء واعتراف، شهد افتتاح هذه الدورة من المهرجان تكريم الفنان الحسين بنياز، المعروف بلقب “باز”، كواحد من أعمدة الكوميديا والمسرح المغربي، وهو فنان شمولي جمع بين التمثيل والتأليف والإخراج، وله تجربة غنية انطلقت من المسرح مع الرائد الطيب الصديقي، وامتدت إلى التلفزيون والمنصات الرقمية.
وشهد افتتاح ربيع المسرح أيضا عرض مسرحية “الحراز” لمخرجها أمين ناسور، وتشخيص طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط.
ويعد هذا العمل إعادة إحياء لنص مسرحي تراثي كتبه وأخرجه الطيب الصديقي في سبعينيات القرن الماضي، مستلهما من عمق الذاكرة الشعبية المغربية.
ويرتقب أن تتواصل فعاليات المهرجان في الأيام القادمة ببرنامج غني ومتنوع، يضم عروضا مسرحية لفرق من المغرب وسلطنة عمان، مثل “محطة قطار” و”فوضى” و”جدران الرمل”، إضافة إلى مسابقة المسرح المدرسي التي تجمع مؤسسات تعليمية بالإقليم في أجواء من التنافس الإبداعي.
كما يضم برنامج هذه النسخة من ربيع المسرح بتارودانت ورشات تكوينية في مجالات الماكياج المسرحي، الارتجال، الفكاهة، التشخيص، وصناعة الدمى، فضلا عن ندوات فكرية منها: “المسرح أداة للتغيير الاجتماعي في الوطن العربي” و”المسرح والمؤسسة التعليمية بالمغرب”.
وتضم برامج الأيام المتبقية من فترة المهرجان هذه السنة أيضا لقاء خاصا حول تجربة مسرح الناس، بحضور نجل الطيب الصديقي وعدد من الفنانين المغاربة، وكذا توقيع إصدارات أدبية وفنية لضيوف المهرجان.
هذا، وينتظر أن يختتم مهرجان ربيع المسرح مساء السبت 31 ماي الجاري، بحفل فني تراثي يتوج بتكريم الفنانة سعاد صابر، مع توزيع الجوائز على الفائزين في مختلف المسابقات، في لحظة احتفاء جماعي بالفرجة والإبداع.
ويؤكد مهرجان ربيع المسرح بتارودانت من خلال برمجته الفنية والتكوينية الغنية، ومساحته المفتوحة للحوار والإبداع، أن المسرح ليس مجرد فرجة، بل هو فعل تربوي وثقافي واجتماعي، وجسر بين الأجيال، ورافعة لتجديد الحياة الثقافية في المدينة العتيقة.
اترك تعليقاً