وجهة نظر

أوروبا المستقبل.. أرض بلا أجانب

قال جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي: “سياسات أوروبا فاشلة وعليها تقييم الوضع جيدا عقب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

وقال أحد الكاتب : “بعض الالاف من المهاجريين واللاجئين قد تكون سبابا في القضاء على تماسك الاتحاد الأوروبي”.
بسبب سياسية أوروبا الفاشلة في حل عدة أزمات دولية في كل من أفغانستان والعراق وسوريا و وليبيا وأوكرانيا وغيرها، انحاز المواطنون الأوروبيون إلى فكرة “وطن بلا أجانب”.

أوروبا تعاملت مع هذه الأزمات بمنطق “النار بعيدة عن الديار ذلك شأنهم”، لكن أفواج المهاجرين والمهاجرين واللاجئين التي عبرت مقبرة البحر المتوسط والحدود الشرقية لأوروبا أخرجت عيب الأوروبيين الذين طالما أنكروه وأخفوه بصياحهم بمبادئ حقوق الإنسان والمواطنة والحريات والتسامح والإنسان أولا، وأن حضارتها إنسانية، وغيرها من الشعارات البراقة اسما الخداعة واقعا.

أنانية الغرب وقسوة قلبه وموت ضميره وسكوته على جرائم الحرب في كل من أفغانستان والعراق وسوريا، والتماطل في إيجاد حل سلمي لهذه الأزمات، ومعاقبة الجناة ومجرمي الحرب والمتورطين في تهديد السلم والأمن العالمي، واللعب بالعبارات والقوانين وتبرير الإرهاب في منطقة والهجوم عليه في أخرى بدون منطق أو ووجه حق مقبول، كانت نتيجتها أن شعوب تلك البلدان وغيرها وخصوصا من العالم الإسلامي رأت في بلدان هذا الغرب ما افتقدته في أوطانها مكرا أو قدرا، فسلكوا طرق الموت إلى جنة أوروبا، لكن تبين أن الجنة الغير الموعودة سراب يسحبه الظمئان ماء.

والمتبع لشأن الأوروبي يتضح له بما لا مجال للشك فيه أن تصاعد قوى الأحزاب والمنظمات اليمينية المتطرفة في أوروبا، مؤشر سياسي خطير على أن خطاب الكراهية والعنصرية هو الخطاب الذي سيجد صدى لدى الشعوب الأوروبية في مقبل السنوات، وأن الدول الأوروبية تخفي خلافاتها وأزماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالاحتماء خلف ظاهرة الإسلاموفوبيا والتخلي عن قضايا المهاجرين واللاجئين التي طالما استعبدت حكومات وشعوب بها.

بعد قرار فك الارتباط عن الاتحاد الأوروبي فالأحزاب اليمينية المتطرفة في بلدان الاتحاد لن تجد أفضل من هذه الفرصة من أجل توسيع دائرة أتباعها ونشر فكرها وعنصريتها تجاه المهاجرين والأجانب، وتشجيع انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في كل أرجاء أوروبا.

كأني بأوروبا تدفع ثمن خذلانها للإنسانية في سوريا وباقي بلدان الصراعات والحروب والإبادات.

كأني بأوروبا ستنتكس عن قيم الكونية الإنسانية التي سعت إلى فرضها بكل الطرق على العالم الثالث والمتخلف في نظرهم.

كأني بأوروبا ستذوق مرارة التفرقة والنزاع والحروب و ترجع لرفع شعارات القرون الوسطى الظلماء عندهم نحو: “وطني أولا” و”لتذهب أوروبا إلى الجحيم” و”الغالبة للأقوى”.

حينما قال البريطانيون ” لا للاتحاد الأوروبي وقالوا للأجانب والمهاجرين احزموا أمتعتكم وعودوا لأوطانكم”، رد الاتحاد الأوروبي على بريطانيا، بتفعيل آلية انسحابها من الاتحاد الأوروبي “بأسرع ما يمكن”، أما الحلقة الأضعف في هذه الصراع ” اللاجئون والمهاجرون والأجانب” فكأني بهم يقولون” حسبنا الله ونعم الوكيل”، وكذلك الأمر.