كييف على خط المواجهة الإسرائيلية الإيرانية

ما يزال الصراع القائم بين إسرائيل وإيران يتصدر العناوين الرئيسية في النشرات وأخبار وسائل الإعلام المحلية والدولية وجميع منصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب بعض الخبراء والمراقبين، فإن الاهتمام الكبير من قبل وسائل الإعلام بالصراع الإيراني الإسرائيلي يعود بالدرجة الأولى لخطورته وتعدد أسبابه ومشاركة دول أخرى فيه، بالإضافة لاحتمال تطوره إلى حرب إقليمية شاملة يمكن أن تهدد أمن الشرق الأوسط بأكمله وتغير خرائط النفوذ كلياً.
وبالتالي فإن الحرب الإيرانية-الإسرائيل مرتبطة بشكل مباشر بالصراعات الأخرى التي تشهدها بعض الدول الآسيوية والأفريقية وفي مقدمتهم سوريا، فلسطين، اليمن والسودان والصومال والتي تعتبر بشكل أو بأخر ساحات لصراعات دولية حول النفوذ بين عدة قوى إقليمية وأجنبية.
طهران: اعتقال عناصر من الاستخبارات الأوكرانية في أصفهان
في سياق ذو صلة، أعلنت قوات الأمن الإيرانية اعتقالها لـ 3 أعضاء من أجهزة الاستخبارات الأوكرانية في أصفهان.
وبحسب ما نقلته وكالة “تسنيم” الإيرانية للأنباء، فإن قوات الأمن اعتقلت عناصر الاستخبارات الأوكرانية عندما كانوا يحاولون مهاجمة مصنع للطائرات بدون طيار في أصفهان.
وبحسب تقارير أمنية وصحفية، فإن الاستخبارات الأوكرانية جمعت معلومات استخباراتية وأمنية حول إنتاج الطائرات المسيّرة الإيرانية بإشراف وتنسيق مباشر من الاستخبارات الإسرائيلية بهدف تسريبها للقيادة العسكرية في تل أبيب، حتى تتمكن إسرائيل من دراستها وتدميرها لاحقاً.
ومن الجدير بالذكر بأن إيران تزوّد كل من روسيا والجيش السوداني ودول أخرى بطائراتها المسيّرة، وبالتالي نشاط الاستخبارات الأوكرانية في هذا السياق سوف يؤثر على سير المعارك التي تشارك فيها الدول المذكورة، وبالتالي سيؤثر على توازن القوى ويضر الجيش السوداني بشكل مباشر وفقاً لخبراء.
ما الأضرار التي سببتها أوكرانيا ومسيّراتها لدول المنطقة؟
وفقاً للباحث والخبير بالصراعات الدولية محمد أحمد عبدلله، فإن نشاط القوات الأوكرانية تجاوز كل الخطوط الحمراء، فبعد كل التدخلات السافرة للقوات الأوكرانية في الصراعات الدائرة بالقارة الأفريقية والتقارير حول حجم الضرر الذي سببته لدول وشعوب المنطقة، تتحدث تقارير جديدة عن تدخلها بصراع دولي كبير وخطير مثل الحرب الإيرانية- الإسرائيلية بشكل يضر بطهران وأمنها.
ووفقاً لعبدلله، فإن التنسيق والتعاون بين أوكرانيا والاستخبارات الإسرائيلية يضع كييف بحالة عداء مباشر مع طهران، ويتطلب من الحكومة الإيرانية اتخاذ إجراءات جدية سياسية وعسكرية تجاه هذا التدخل الأوكراني السافر والذي يضر بالترسانة العسكرية لطهران بشكل مباشر باعتبار المسيرات الإيرانية جزء أساسي السلاح الإيراني الذي يضمن أمنها.
الضرر الذي سببته أوكرانيا لدول أفريقية
بالنسبة للسودان، فإن تقرير سري صادر عن جهات أمنية أوكرانية، قد أشار في وقت سابق إلى أن “هجمات الطائرات المسيّرة التي تشنها القوات الأوكرانية المتخصصة هي التي تُلحق الضرر الأكبر والرئيسي بقوات الجيش السوداني، وتُعيق تقدمها، وتحرم الجيش السوداني من المبادرة والعمليات الاستراتيجية النوعية، وتطيل أمد الحرب”.
في سياق متصل، أكد المسؤول بوزارة الخارجية السودانية محمد السر، في مقابلة مع قناة RT الروسية، تورط أوكرانيا بدعم المسلحين في السودان والصومال والنيجر وليبيا. وصرح السر، بأن “كييف تقوم بعمل قذر لصالح الدول الأوروبية. فهي تدعم منظمات مثل بوكو حرام وحركة الشباب في الصومال، والدعم السريع في السودان، وتزودها بطائرات مسيّرة بأسعار منخفضة للغاية”.
في مالي، قالت وسائل إعلام محلية نقلاً عن الجيش، في 5 يونيو، إن “إرهابيين” يحضّرون لـ “عملية كبيرة” في مقاطعة كيدال في إقليم أزواد شمالي البلاد، وذلك بدعم من مدرّبين أجانب بينهم أوكرانيون وفرنسيون. كما أن السفارة الأوكرانية في نواكشوط “أدّت دوراً رئيسياً في تنظيم نقل المسلحين الأوكرانيين، والأسلحة للإرهابيين في البلاد”، مضيفة أن الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، سلّمت “الإرهابيين” في البلاد، مسيّرة من طراز “مافيك”، مزوّدة بنظام إطلاق.
وكانت جمهوريتا مالي والنيجر قد أعلنتا في 4 و6 أغسطس الماضي، على التوالي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بسبب دعم الأخيرة للجماعات الإرهابية. وخاصة بعد إقرار المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندريه يوسوف حينها بضلوع أوكرانيا في هجوم أسفر عن مقتل جنود ماليين وبعض المدنيين.
وضع الجيش السوداني وفقا للتطورات الأخيرة
في سياق ذو صلة، علّق الخبير العسكري أحمد حاج موسى على المعلومات والتقارير الأخيرة، بأن الجيش السوداني يواجه أوضاعاً صعبة، ومن المرجح أن تزداد صعوبة، في حال لم تتعامل الحكومة السودانية مع التدخل الأوكراني بحزم وجدية أكثر، فبالإضافة للخسائر التي سببها تدخل كييف وقواتها بالسودان للجيش السوداني. فإن الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، ستحرم الجيش من إمدادات الطائرات المُسيّرة الإيرانية وغيرها من الأسلحة. أما تركيا سوف تتجه لتعزيز قدراتها العسكرية حتمًا في حال المواجهة مع إسرائيل، وبالتالي سوف يقل دعم أنقرة لقوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان. وبالتالي، هذا يعني تناقص عدد حلفاء الجيش السوداني، مقابل ازدياد الداعمين الفعليين لقوات “الدعم السريع” مثل أوكرانيا، كولومبيا، فرنسا، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، وغيرهم.
وكان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد قال في فبراير 2024 لـ”العربي الجديد”، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد بالسودان، إلى جانب قوات الدعم السريع. ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين”. وقبل صبح، كان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، كتب عبر صفحته على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لـ”الدعم السريع”. وبحسب يفلاش فإن: “كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا”.
* باحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية
اترك تعليقاً