المغرب العميق

مسيرة “أيت بوكماز” تعيد مطلب إلغاء رخص البناء في العالم القروي إلى الواجهة

أعادت “مسيرة الأقدام” التي نظمتها ساكنة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، مطلب إلغاء رخص البناء في العالم القروي إلى صلب النقاش العمومي، في ظل ما يعانيه سكان المناطق الجبلية والنائية من عراقيل تحول دون حقهم في السكن والاستقرار.

ويعد هذا المطلب من أبرز القضايا المشتركة لدى ساكنة القرى بمختلف جهات المغرب، حيث تُجمع الأصوات على أن مساطر الحصول على رخص البناء في المجال القروي تشكل عائقا حقيقيا أمام التنمية، وتكرس التهميش الذي يطال هذه المناطق، خاصة في ظل غياب بنية عقارية واضحة وارتفاع كلفة الإجراءات الإدارية.

وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي صورا وتدوينات من مسيرة آيت بوكماز، تعكس حجم المعاناة التي تعيشها الأسر القروية في مواجهة مساطر معقدة، وغياب مرونة في تسليم التراخيص، ما يجعل من الحصول على مأوى يحمي من قسوة الطبيعة تحديا قائما، خاصة في أعالي الجبال.

ورغم إصدار وزارة إعداد التراب الوطني ووزارة الداخلية لدورية مشتركة سنة 2023، تدعو إلى تبسيط مساطر الترخيص بالعالم القروي، فإن تزايد المطالب بإلغاء هذه الرخص أو تيسيرها، يطرح تساؤلات حول نجاعة هذه الإجراءات ومدى تفعيلها على أرض الواقع.

وفي هذا السياق، أكد محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل في تصريح لجريدة “العمق”، أن مسيرة آيت بوكماز بمثابة نموذج يعبر عن الظلم والغبن، الذي تعرفه ساكنة المناطق الجبلية، نتيجة تجاهل الدولة والحكومات المتعاقبة لمطالبهم، التي وصفها بـ”البسيطة جدا، لا تتطلب لا الملايير ولا تخطيط الاستراتيجيات، بقدر ما تتطلب استجابة آنية”.

وشدد الديش، على أن تبسيط مساطر البناء في العالم القروي، يعد من أهم المطالب المطروحة في جميع المناطق النائية عامة، والجبلية خاصة، نظرا لطبيعة العقار، ونظرا لتعقيد المساطر أكثر مما هي معقدة بالمجال الحضري، ونظرا لغياب خرائطية، ووثائق ملكية واضحة للعقار، بالإضافة إلى تعقيدات متعلقة بنوعية وطبيعة العقار، التي تحتاج حلا هي الأخرى.

وأوضح المتحدث، أن تبسيط مساطر البناء بالعالم القروي لا يعني بالضرورة، البناء عشوائيا، فذلك سيضر بالمجال القروي لامحالة، بل يعني إعمال المرونة في الوثائق الإدارية، والرخص، وعمليات التتبع المرهقة والمكلفة، نظرا للوقت الطويل الذي تحتاجه، وتعدد مختلف المتدخلين.

واقترح الديش، في حالة كانت هذه الرخص ضرورية، فهي تستوجب وجود شباك وحيد للعقار المعني بالبناء، في الجماعة أو القيادة التابع لها. وبشأن الشق المالي، يرى المهتم بقضايا سكان الجبل ضرورة القيام بإعفاءات من واجب الرخص بالنسبة للمناطق القروية، لتشجيع الساكنة على الاستقرار، والبناء، لا الهجرة، كما هو معمول به في دول مجاورة، تعمل على استراتيجيات للحفاظ على الساكنة القروية في مجالها، وإعطاءها الدعم للاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *