مجتمع

الداخلية: دار الطالبة بحد أولاد فريج شيدت بتصاميم معيبة وتجاوزات قانونية

وقفت المفتشية العامة لوزارة الداخلية في تقريرها المنجز في إطار عملية رقابية جرت بين سنتي 2019 و2022 بخصوص مشروع بناء دار الطالبة بجماعة حد أولاد فريج، الممول في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ إجمالي يصل إلى 1.920.007,20 درهم، على مجموعة من الاختلالات التقنية والإدارية التي هددت عملية تنفيذ وجودة المشروع.

وأفاد تقرير الداخلية التي تتوفر جريدة “العمق المغربي”، على نسخة منه، أن المشروع يعرف بعض النواقص في الاتفاقية رقم 91/2017، من بينها عدم وضوح مساهمات الشركاء المالية، خاصة مساهمة الجماعة الترابية أولاد فريج، إضافة إلى غياب جدول زمني محدد لإنجاز المشروع وعدم تعيين جمعية مسؤولة عن إدارة المؤسسة.

كما لوحظ وفق التقرير تشتت الملف بين الجماعة والإقليم، حيث تكفلت الجماعة بإعداد الدراسات، بينما تم تكليف الإقليم بتنفيذ المشروع بصفتها المالك المفوض.

ومن بين الملاحظات التقنية التي رصدها قضاة المفتشية العامة لوزارة الداخلية، عدم اللجوء إلى استشارة معمارية. فقد منحت الجماعة، عبر أمر شراء رقم 78/2018 بمبلغ 79.200 درهم، جميع الدراسات إلى مكتب الدراسات “س. للدراسات التقنية”، المختص في حسابات الهياكل وإعداد مخططات الخرسانة المسلحة، فيما كان من الضروري إشراك خبراء آخرين مثل المسّاحين والمهندسين الجيوتكنيكيين، وهو ما تم خارج إطار احترام مبدأ المنافسة والوصول الحر للصفقات العمومية.

وأشار التقرير أيضا إلى نقص في وصف طلب الدراسات، حيث لم يتم تحديد الدراسة المعمارية بوضوح، ولم يذكر بند أتعاب المعماري، كما غاب تحديد مقياس المسح الطبوغرافي وعدد عيناته، وعدم بيان ضرورة قيام مسّاح معتمد بالعمل، فضلاً عن عدم توضيح مهام الدراسة الجيوتكنيكية وطبيعة الاختبارات المطلوبة.

كما سجل التقرير تأخرا في إعداد الدراسات، حيث استلمت الجماعة نتائجها بتاريخ 30/01/2019، أي بعد فتح المظاريف بتاريخ 08/10/2018، في حين كان يجب أن تكون هذه الوثائق جزءا من ملف طلب العروض ومتاحة لجميع المتنافسين قبل اجتماع لجنة الطلبات.

وشدد التقرير على غياب المذكرة التقديمية التي كان من المفترض أن يحررها المعماري، ونقص في الدراسة الجيوتكنيكية، أبرزها عدم إجراء تحليل وثائقي للبيئة الجيوتكنيكية، وعدم تحديد موقع الحفر الاستكشافي بدقة، واقتصار الاختبارات على حفرة واحدة بعمق 2,50 متر، بينما توصي المعايير بثلاث حفر بعمق 5 أمتار.

كما رصد تصنيف غير دقيق للتربة باعتبارها “طينية عالية اللدونة”، اعتمادا على عينة واحدة غير ممثلة لطبيعة التربة المتغيرة في الموقع.

وأظهر التقرير متابعة مشروع إنشاءات جديدة وجود عدة ملاحظات تقنية تتعلق بدراسة الأساسات وتصميم الخرسانة المسلحة، تثير تساؤلات حول دقة المعايير المعتمدة وسلامة التنفيذ.

أوضح المختصون أن هناك غيابا في تحديد معايير حساب قدرة التحمل للتربة والطريقة المعتمدة، إذ اعتمد المختبر على قيمتين للضغط المسموح به للتربة، الأولى 2 بار للأساسات الشريطية، والثانية 1,5 بار للأساسات المعزولة مع التسليح المزدوج، دون الإفصاح عن التصميم المبدئي للأساسات أو الأبعاد الهندسية لها، وكذلك دون تحديد الخصائص الجوهرية للتربة من تماسك وزاوية احتكاك.

ويشير الخبراء إلى أن صيغة تيرزاغي المستخدمة في الحسابات تفترض تحديد جميع هذه المعايير مسبقًا، وأن القيم المعتمدة للضغط تبدو مبالغا فيها مقارنة بقدرة تحمل التربة الطينية منخفضة اللدونة، التي تقل عن 0,5 بار. كما لم تحدد الدراسة المخاطر الزلزالية الواجب مراعاتها عند تصميم الهيكل.

فيما يخص نظام الأساسات المقترح، وأوضح قضاة الداخلية أنه تم تقديم بديلين غير مثاليين يختلفان في التكوين الهندسي لكنه متشابهان في كمية الخرسانة المطلوبة، سواء للأساسات المعزولة مع التسليح المزدوج أو الشريطية.

وتشير الملاحظات إلى أن المشروع كان بحاجة إلى حل اقتصادي لتفادي خطر التربة المتورمة، عبر وضع الأساسات على آبار خرسانية كبيرة وربطها بتسليح بسيط مع الاحتفاظ بتثبيتها على طول 1,20 متر.

كما تم إغفال معالجة مسألة هبوط التربة، رغم حساسيتها في الطين منخفض اللدونة، بالإضافة إلى وجود قصور في مخطط الخرسانة المسلحة، أبرزها: عدم تمثيل شبكات صرف المياه العادمة وربطها بالشبكة القائمة، وعدم تحديد تقسيم المناطق والمعايير الزلزالية، ما يخلق حالة من عدم اليقين في تطبيق القواعد الزلزالية، بالإضافة المبالغة في تقدير ضغط التربة إلى 2,5 بار بدل 1,5 بار المحددة في الدراسة الجيوتكنيكية.

وسجل التقرير المبالغة في الأحمال المطبقة على السطح غير القابل للوصول، واعتماد قيمة 1,5 كيلو نيوتن/م² بدل المنصوص عليه في المادة 7.2 من دفتر الشروط التقنية، إلى جانب تحديد فئة الفولاذ عند 400 ميغاباسكال بدل 500 ميغاباسكال، مع وجود تناقضات في دفتر الشروط التقنية، مع تحديد الأعمدة بمقطع 15×15 سم³ بدل الحد الأدنى الموصى به 25×25 سم، زيادة إلى تحديد ارتفاعات الأبنية على شكل مستطيل دون توضيح ارتفاعات المنحدرات، رغم أن المنشآت تأخذ شكل قاعدة هرمية.

ويحذر المختصون من أن هذه الملاحظات قد تؤثر على سلامة المشروع ودقة تنفيذه، مؤكدين ضرورة إعادة النظر في الدراسات الهندسية لتفادي أي مخاطر مستقبلية.

وأشار التقرير إلى عدم تحديد سمك الغطاء الواقي الواجب توفيره عند تركيب القوالب لحماية التسليح، وعدم تحديد التراكب بين القضبان في حال عدم كفاية أطوالها، إضافة إلى إغفال توفير فواصل عند التقاطعات بين الكتل المكونة للمبنى ذي الشكل غير المنتظم، وهو ما يخالف التعليمات المنصوص عليها في النظام المقاوم للزلازل.

كما رصد التقرير المبالغة في تقدير بعض الكميات في التفاصيل التقديرية من قبل مكتب الدراسات التقنية، حيث تجاوزت أعمال الأساسات المعتمدة عمليًا، على سبيل المثال، تم تقدير 15,360 كغ من الحديد لمسافة 118 مترا، بينما النسبة المعتمدة هي 50 كغ/م² فقط. وتجاوزت كميات الحفريات من 480 م³ إلى تنفيذ فعلي 192.50 م³، كما تم تقدير أعمال البناء في الأساسات بنسبة 146٪.

ولفت التقرير إلى المخالفات الإدارية المتعلقة بمنح العقد لشركة “C.S.C”، حيث قدمت الشركة شهادة CNSS دون أي موظف مسجل، وبوليصة تأمين صدرت بعد أكثر من أربعة أشهر من بدء الأعمال، دون وجود إذن من السلطة القضائية لممارسة النشاط، مع الإشارة إلى أن الشركة تحت التصفية القضائية.

كما أشار التقرير إلى عيوب في التنفيذ تؤثر على استقرار المبنى، حيث ظهرت شقوق في جميع المستويات بأبعاد مقلقة، على الجدران الداخلية والخارجية، وفي بلاط المكتبة والأرضيات المحيطة، وكذلك شقوق أفقية بين الأبواب وأسفل نوافذ الألمنيوم، الأمر الذي يهدد سلامة المبنى ويستدعي تدخلًا عاجلًا لتقييم وإصلاح هذه الخروقات.

التقرير يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمراجعة إجراءات الإشراف والتنفيذ، لضمان التزام جميع الأطراف بالمواصفات الفنية والقوانين المعمول بها، وحماية المنشآت من المخاطر المستقبلية.

تعيش منشأة حديثة استلامها المؤقت في 6 ديسمبر 2019 على وقع مخاطر بنيوية متعددة تهدد سلامة مرتاديها، وذلك بسبب وجود شقوق أفقية في جدران سلالم الطوارئ، ما يشير إلى بداية تآكل هذه الممرات الحيوية.

كما ظهرت شقوق في أرضيات السلالم، وفي الجبس المصقول (staff lisse) داخل معظم الغرف، حيث تتجه هذه الشقوق في جميع الاتجاهات، مثل المكتبة التي سجلت شقا مائلا قطريا وشقان عرضيان عند العوارض المغطية لأنابيب PVC، والمكاتب، والمطعم، والمطبخ، والصندوق رقم 1 في الطابق الأول، التي تظهر فيها شقوق تنطلق من فتحات المصابيح.

وتشير تقارير فنية إلى ظهور شقوق في الواجهات الخارجية نتيجة هبوط جانب المكتبة، ما أدى إلى فواصل بين الجدران الخارجية والأرضية المحيطة، إضافة إلى تساقط الطلاء عند قاعدة الجدران. كما لوحظ قصور في الأرضية الخرسانية عند الواجهة اليسرى للمبنى، حيث تم تنفيذها بعرض 40 سم بدلًا من 150 سم المقررة في الدراسة الجيوتقنية.

وعلى صعيد التشطيبات، تم إعادة طلاء بعض أجزاء الجدران عبر تطبيق طبقة إضافية على الشقوق، إلا أن اللون لم يكن متجانسا. كذلك، لوحظ تقشر الطلاء في الصندوق رقم 16 سواء في الجدران الداخلية أو الخارجية، وظهرت رطوبة صاعدة في بعض الأماكن مثل الصندوق رقم 16 والحمامات.

وأثرت أعمال تركيب أنابيب صرف مياه الصرف الصحي PVC على مظهر الواجهات الخارجية، حيث صبت بعض الأنابيب مباشرة على المكتبة والمطبخ لعدم وجود ترتيب معماري يضمن التوافق بين الحمامات في الطابق الأول والطابق الأرضي، كما تم تخفيض مساحة المكتبة عبر إنشاء بئر أبعادها 40×40 سم لتصريف المياه، وهو أمر غير وارد في المخطط الأصلي.

من جهة أخرى، لم تتوافق سلالم الطوارئ مع معايير السلامة، إذ تبقى الأبواب مغلقة بالمفتاح، والنظام الحالي لا يضمن إخلاء سريعا في حالات الطوارئ. وكان من المفترض أن تفتح الأبواب من الداخل بالدفع فقط مع إمكانية الفتح من الخارج.

رغم التوصية بالاستلام المؤقت في ديسمبر 2019، لم تستكمل الأعمال بعد، وتم الإعلان عن تأخر التنفيذ في محاضر سابقة. أما الاستلام النهائي فتم في 14 أبريل 2022، أي بعد أكثر من سنتين وخمسة أشهر، في حين أن المادة 75 من CCAGT تحدد مدة سنة واحدة.

ولا تزال المنشأة غير مشغلة منذ الاستلام المؤقت، أي لأكثر من ثلاث سنوات، وهي حاليا غير مزودة بالماء الصالح للشرب بسبب عدم دفع الفواتير من قبل الجمعية المسؤولة عن إدارتها، ما يزيد من تفاقم الوضع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *