سياسة

يحياوي: إصلاح الانتخابات يتطلب نمط اقتراع جديد يحمي الإرادة ويحد من بلقنة المشهد

أكد أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العامة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مصطفى يحياوي، أن بلوغ مبتغيات تأهيل المسلسل الديمقراطي المنشود يقتضي تجاوز الإجراءات غير الكافية التي لا تعالج عمق الإشكال، كالمطالبة بحياد إيجابي للسلطات أو مراجعة الكوطا النسائية، مشددا على أن الأمر يتطلب الذهاب نحو مدخل إجرائي حاسم يرتكز على ثلاثة شروط أساسية، أهمها اعتماد نمط اقتراع جديد قادر على تحصين الإرادة الشعبية وحماية التعددية السياسية من “بلقنة معرقلة” للمسؤولية الشعبية للأحزاب.

وطرح يحياوي، ضمن تصريح خص به جريدة “العمق”، تساؤلا جوهريا حول إمكانية تحقيق الإرادة السياسية الحقيقية المعلنة لتجويد المنظومة العامة لاستحقاقات 2026، في ظل ما وصفه بـ”نظام انتخابي غير محفز على التصويت المسيس، ولا يحتمل إفراز نخب محزبة بشكل كاف بإمكانها إقناع الرأي العام بجدوى المشاركة المواطنة في إدارة الشأن العام بما في ذلك التشريع”. واعتبر أن مجرد المطالبة بحياد إيجابي للسلطات الترابية المشرفة على التدبير الإداري الترابي للعملية الانتخابية “غير كاف لإنجاح تحدي التنظيم الجيد المفضي إلى انتخابات جاذبة للثقة الشعبية”، تماما كما أن مراجعة الكوطا النسائية هي أيضا “غير كافية لضمان نجاعة أفضل لما ستفرزه الاستحقاقات المقبلة”.

وشدد المتحدث على أن الأمر في نظره يقتضي “أمورا أخرى” أكثر عمقا، يتعلق بعضها “بالقدرات المؤسساتية للأحزاب السياسية على اختيار نخب مسيسة بشكل كاف وعلى درجة من الوعي بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية التي تقتضيها تمثيلية الأمة”. وأوضح أن الشق الآخر من هذه الأمور يتعلق بضرورة “الحسم التوافقي للفرقاء المعنيين بالديمقراطية الانتخابية في مسألة جدوى الاستشارة المواطنة في ممارسة السلطة ودرجة استحضار الشرعية الشعبية المترتبة عنها في القرار العمومي”، وهو ما يجب أن يمتد ليشمل كافة مستويات ممارسة السلطة بدءا من التمثيل الوطني ومرورا بممارسة السلطة التنفيذية، وصولا إلى ما تستلزمه وظائف السلطة التشريعية من رقابة ومناقشة القوانين والمصادقة عليها وتقييم السياسات العمومية ومساءلة الحكومة.

ولأن المدخل الإجرائي ضروري للإجابة عن هذه المسائل، اعتبر الخبير في النظم الانتخابية أنه لا يمكن للانتخابات المقبلة فرز مناخ سياسي كفيل بتحقيق الأهداف المنشودة، أولا ما لم “يحسم بالجزر الفعلي في مفسدات العملية الانتخابية”، وثانيا ما لم “تراجع مراجعة جذرية اللوائح الانتخابية العامة وقواعد التقطيع الانتخابي ومنهجية توزيع عدد المقاعد على أساس نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى ل2024″، وثالثا ما لم “يتم تحصين الإرادة الشعبية المعبر عنها بتقدير الأغلبية دون إقصاء الأقلية”.

وخلص يحياوي إلى أن الأمر في الحالة المغربية “لا يحتمل إلا مخرجا واحدا”، وهو “اعتماد الاقتراع باللائحة على أساس التمثيل النسبي المسنود إلى قاسم انتخابي مقاس على عدد الأصوات المعبر عنها وبعتبة كافية لضمان حد أدنى من التصويت ‘المسيس’ وبتوزيع البقية بالقياس إلى أكبر المعدل المتوسط للأصوات”. وتوقع في ختام تحليله أنه بهذه الصيغة، فإن الخريطة الانتخابية لن تبقي على نفس مخرجات انتخابات 2021، بل قد تفضي إلى “خلخلة محرجة لبعض الأحزاب التي بدت في حجم أكبر من قدراتها التنظيمية الحقيقية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *