بين إرادة الوزارة وتراخي الجماعات: من يحرك عجلة التنمية؟

في خطوة تعبّر عن إرادة حقيقية لتفعيل التنمية الترابية المندمجة، وجه السيد وزير الداخلية مراسلة إلى الولاة وعمال الأقاليم والجهات، تحثّهم على الانخراط في جيل جديد من برامج التنمية التي تضع المواطن في صلب الاهتمام، وتعتمد على آليات التشارك والفعالية.
وقد شكّلت هذه الدعوة مناسبة لعدد من اللقاءات والمشاورات التي جمعت بين المنتخبين، وممثلي المجتمع المدني، والسلطات المحلية، للتعبير عن الانتظارات ومناقشة الأولويات.
غير أن هذا الزخم، ورغم الإيجابية التي طبعته، يطرح سؤالاً ممحّا:
لماذا تحتاج المجالس الجماعية إلى الدفع من الإدارة المركزية من أجل القيام بمهامها الدستورية؟
ما دعت إليه وزارة الداخلية ليس أكثر من تفعيل لبرامج سبق للمجالس المنتخبة أن صادقت عليها خلال دوراتها، وتعهد بها المنتخبون خلال حملاتهم الانتخابية. فهل أصبحت الحاجة ملحة إلى تدخل مركزي لتذكير المجالس بواجباتها؟ وهل غابت روح المبادرة والمسؤولية إلى هذا الحد؟
إن توفير الماء الصالح للشرب، وتحسين خدمات النقل، وإصلاح البنية التحتية، وإحداث المرافق الإدارية… ليست امتيازات تمنحها الجماعات، بل حقوق أساسية للمواطنين، وبرامج مصادق عليها، ووعود انتخابية التزم بها المنتخبون طواعية.
إذا كانت وزارة الداخلية تقوم اليوم بدور المحفز والمواكب، فهل هذا كاف؟
أم أن الأمر يتطلب تفعيل آليات التتبع والمساءلة، ومحاسبة المجالس التي لم تلتزم بتعهداتها أو أخفقت في تنفيذ برامجها؟
هنا تبرز إشكالية عميقة: ضعف النجاعة في أداء بعض المجالس، وغياب الانسجام الداخلي، ورفض الاستماع إلى مقترحات بعض المستشارين، حتى وإن كانت تلك المقترحات عملية وقابلة للتنفيذ.
فمن يتحمل مسؤولية تحويل الأفكار إلى قرارات؟ ولماذا تظل بعض المبادرات حبيسة الرفوف؟
لنأخذ جماعة الهراويين كمثال واقعي، خلال السنوات الأربع الماضية، كانت هناك مشاريع، توصيات، ومبادرات، غير أن الكثير منها لم يجد طريقه إلى التنفيذ. فهل كانت هذه الفترة فعلا سنوات “عجاف” من حيث المردودية والمقترحات؟ ولماذا ضاعت مجهودات مستشارين كانوا يسعون بجدية إلى خدمة الصالح العام؟
لقد ظلت بعض البرامج التنموية في الهراويين رهينة الأدراج، أو تم تهميشها لأسباب غير واضحة، مما يثير علامات استفهام كبيرة حول مدى التزام المجلس الجماعي بتعهداته، ومدى فعالية آليات الاشتغال داخله.
إن سؤال التنمية لا يرتبط فقط بالإمكانات المالية أو الإدارية، بل يرتبط أساسا بالعقليات ، وبمدى وعي المنتخبين بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
فحين تتحول المجالس الجماعية إلى فضاءات للصراع السياسي أو الشخصي، وتقصى فيها الكفاءات، وتهمش فيها المقترحات البناءة، فلا يمكن الحديث عن تنمية، مهما حسنت نوايا الدولة المركزية.
إننا نثمّن المبادرة الوزارية الهادفة إلى إنعاش التنمية الترابية، ونعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح. لكننا في الآن ذاته، نرى أن الخلل الحقيقي يكمن في تراخي بعض المجالس المنتخبة، وغياب الوعي الجماعي بقيمة المسؤولية.
فالمواطن لم يصوت للوعود، بل صوّت لتحقيقها.
ومن لا يستطيع الوفاء بتعهداته، عليه أن يفسح المجال لغيره، ممن يملكون الرؤية والجدية والقدرة على التغيير.
ووزارة الداخلية باااركاااا عليها من المراسلات والدوريات وعليها تحريك آليات التتبع والتقييم والمساءلة في حينه وليس حتى يجي الفااااس في الرااااس
اترك تعليقاً