مآل وواقع نجاعة التحولات الاجتماعية على مستوى القيمرهين باحترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمع

يعد كسب رهان الحداثة الاجتماعية القيمي على حساب المعطى التقليدي ( المحافظ)،من منطلق القطيعة المطلقة… أمر مجحف ومجتل للواقع الاجتماعي ويعتبر نقيض للمنطق والصواب، وتبقى الحداثة الاجتماعية باب مفتوح على مصراعية يصف الواقع دون اقتراح بديل عملي يرنو إلى بناء تغير وإبتكار اجتماعي،يسهم في تراكم التصورات والتأملات حبيسة التنظير.. كما هو شأن مع المعطى التقليدي الذي هو بدوره يتشبث بالاحتجاج بمفاهيم السلف …ويرفض ملائمة الواقع والحقب الاجتماعية،وتطفو قيمه على الجمود والأحكام المسبقة.
الكل معا في حلقة استنزاف مستمرة،وتعيد إنتاج صراع قيمي لا يفيد إلا في عرقلة الدينامية الاجتماعية من هدم الانخراط المتمر والبنّاء على كافة الأصعدة والمستويات( اقتصاديا سياسيا ثقافيا اجتماعيا…).
هناك قواسم مشتركة بين المعطيين،وأهمها المعطى الأخلاقي والوجودي،فجل الأفكار والخلفيات المؤسسة للحداثة والعقلانية لم تنسلخ على ما هو أنطولوجي.. كما هو الحال للمعطى التقليدي في تصوره الأصلي، لا يوجد من أبدع وابتكر واقع الكونية الشاملة لجميع الكائنات يضمن لها كل احتياجتها،يكفي العودة إلى فقهاء المشروع الكوني ،يقرون بعظمة لسانهم الكونية منبثقة من المعطى التقليدي…
حتى فلسفة المسؤولية المدنية تتأسس على الرقابة الأخلاقية(الإتقان في الأداء) أكثر من الرقابة الزجرية…وهي آلية من آليات الحداثة …
إن الناظر في الهندسة الاجتماعية التي تنتهجها الدولة المغربية على مستوى مزج كل ماهو تقليدي بالحداثة ،تتخذ منحى متزن ورزين( أقصد الرسميات) تغلب دائما كفة الخصوصية الاجتماعية المتجذرة في المعطى التقليدي (بروتوكولات التحفظ في التصور الحداثي المنافس لقيم المجتمع كثيرة هي، ابتداء من الإفطار العلني_المثلية….)
هندسة إجتماعية قيمية آمنت بالتدافع بين المعطيين،
تارة تعمل على ضخ ترياق المعرفة لتفكيك الجمود المجحف ،وتارة تنبه على ضرور مصل العقلانية لضبط الانفتاح الشاذ.
توجد وقائع اجتماعية أبانت على فعالية المعطى التقليدي(جائحة كورونا-زلزال الحوز…)
حداثة العالم اليوم سائلة ومطلقة، وعدمية للمنطلق الأخلاقي،أحدتت نماذج للحياة الفردية تستنكرها العقلانية ،أصبح الفرد لا يعرف إلا نفسه ينسلخ من كل أشكال التكافل والتضامن، حتى أضحينا نرى الإنسان على شاكلة حيوان لا يتفطّن لمَلَكة إعمال العقل، ،ونرى مشاريع اللاخلاقية (مشروع مليار الذهبي) كل هذا بإسم الحداثة المطلقة …
بالمقابل نرى أيضا جمود المعطى التقليدي الذي بدوره يؤسس للكراهية والشذوذ الفكري والتنطع والغلو ،يؤمن باحتكار الصواب والمعرفة المطلقة،وأنه بوصلة النجاة الوحيدة،غيّب إجتهادات تراثه الفكري الذي كان جزءا في تأسيس العقلانية.
التحولات الإجتماعية القيمية المنشودة داخل المجتمع المغربي ،لاتتنكر أبدا للمعطى التقليدي بل هو أساس الحداثة وديناميتها بل نجاحها، الانخراط الفعلي والمسؤول، يتضمن أخلاق الإئتمان وليست أخلاق التملك عكس ما يوجد في الحداثة …
العلم والمعرفة هم ركائز الهندسة الاجتماعية للمجتمع المغربي لضمان تحول اجتماعي حقيقي ينعكس إيجابا على الفرد ومردودية المؤسسات والقوى الحية الحقيقة (التي بدورها مطالبة بمراجعة شاملة مستعجلة، المجتمع الحقوقي-المدني-السياسي).
التحولات الاجتماعية القيمية كإمكان أساسها المؤسسة التقليديةوالمعاصرة ،والصراع القائم بينهما ما هو إلا حالة صحية تلزم كل جانب بتجانف عن الزيغ والانفلات ،والرجوع إلى الرشد والصواب.
اترك تعليقاً