ذاكرة مغربية في الحرب الأهلية الإسبانية.. “لامورا” يعرض بالسينما بعد رحيل مخرجه

تستعد القاعات السينمائية المغربية لاستقبال فيلم “لامور.. الحب في زمن الحرب”، آخر أعمال المخرج الراحل محمد إسماعيل، وذلك بعد مرور أربع سنوات على وفاته.
ويُعتبر عرض هذا الفيلم حدثا فنيا لافتا، لأنه يجسد آخر بصمة لمبدع بصم المشهد السينمائي الوطني بأعمال راسخة، ويستحضر فترة تاريخية منسية، ويعيد فتح نقاش حول ذاكرة المغاربة في سياق الحرب الأهلية الإسبانية.
وتدور أحداث الفيلم الذي صور سنة 2019، أي سنتين فقط قبل رحيل مخرجه حول الحرب الأهلية الإسبانية التي اندلعت عام 1936، حيث ركز إسماعيل على مشاركة المئات من الشباب المغاربة الذين استقطبوا للقتال إلى جانب قوات الجنرال فرانكو، وتم إيهامهم بأنهم ذاهبون للجهاد وتحرير المدن والمساجد الإسلامية، غير أن الحقيقة كانت مختلفة، إذ استغلوا وقودا لحرب أهلية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، مقابل وعود زائفة وحقائق مشوهة في الروايات الإسبانية الرسمية.
فرح الفاسي، بطلة الفيلم، قالت في تصريح لـ”العمق”، إن “لامورا” يروي مرحلة دقيقة من تاريخ الجارة الشمالية إسبانيا، مشيرة إلى أن العمل يحكي عن سنة 1936 التي شهدت واحدة من أعنف الحروب الداخلية، موضحة أن الجنرال فرانكو استقدم شبانا مغاربة من إشبيلية بدعوى مساعدته في تحرير مدينتهم والمساجد، لكن الهدف الحقيقي كان ترسيخ سلطته والبقاء في الحكم.
وعبرت فرح الفاسي عن سعادتها بالمشاركة في هذا الفيلم الذي مثل بالنسبة لها تجربة مضاعفة على المستوى الفني حيث جسدت دورا معقدا، وعلى المستوى المهني حيث خاضت من خلاله لأول مرة تجربة الإنتاج السينمائي، وفق تعبيرها.
وأكدت الممثلة المغربية، أن العمل له مكانة خاصة في قلبها، خصوصا وأنها كانت تعتبر محمد إسماعيل بمثابة أب روحي في مسارها الفني، معربة عن أسفها الكبير لعدم وجوده اليوم ليشهد على عرضه في القاعات والمهرجانات.
ويحكي الفيلم قصة فتاة إشبيلية تجسدها فرح الفاسي تعاني من إعاقة جسدية وسمنة مفرطة تجعلها تفتقر إلى الثقة بالنفس، خاصة مع وجود فتيات جميلات في محيطها، تلتقي بشاب مغربي يدعى “شعيب” يجسده الممثل مهدي فولان، ليقع الاثنان في حب عاصف تتخلله تحديات اجتماعية وسياسية.
ومع تصاعد الأحداث، ستنشأ بينهما علاقة تؤدي إلى إنجاب طفلة خارج إطار الزواج، في زمن تغلي فيه إسبانيا تحت نار الحرب ضد فرانكو.
وحاول محمد إسماعيل من خلال “لامورا” إعادة كتابة السردية التاريخية بعيون مغربية، وإعادة الاعتبار للشبان المغاربة الذين غُيبت أسماؤهم من ذاكرة الحرب، مشددا على أن العمل ليس مجرد حكاية عاطفية، بل هو تقاطع بين الذاكرة الفردية والجماعية.
وكشفت جميلة صديق، زوجة المخرج الراحل في تصريح لـ”العمق”، أن إنجاز هذه القيمة الفنية والتاريخية لم يكن سهلا حيث كلف حوالي 600 مليون سنتيم، مشيرة إلى أن الدعم الذي حصل عليه إسماعيل من المركز السينمائي المغربي كان ضعيفا وتأخر صرفه، ما دفعه إلى الاستدانة وتوقيع شيكات لفائدة عدد من المتعاونين معه، ومع تراكم الديون والضغوطات، عاش المخرج أزمة نفسية خانقة انتهت بإصابته بجلطة دماغية، شكلت بداية تدهور حالته الصحية حتى وفاته.
اترك تعليقاً