منتدى العمق

الطاقة النظيفة أو التحدي المغربي الطاقي

كاتب رأي

حري بنا الإشارة إلى أن الطاقة ؛ بكل مكونات عناصرها وأشكالها الاستهلاكية ؛ باتت تشكل عصب الحياة والتنمية بمفهومها الشمولي في كل القطاعات ،الاقتصادية منها خاصة ، ولما كانت طاقة الوقود اليحفوري ، مثال النفط والفحم ، السبب المباشر في قضايا التلوث البيئي خاصة ، من جهة ، وغلاء كلفتها وتناقص مستويات آبارها ومخازنها ، من جهة ثانية ، اتجهت عناية انسان الألفية الثالثة إلى البحث عن بدائل لها ، بخصائص تكفل له بيئة نظيفة ، وحضورا دائما في المجال الصناعي وبتكلفة أقل ، فوجد في أشعة الشمس موردا طاقيا هائلا ، علاوة على استغلال الرياح كمصدر توليد الطاقة في العديد من الخدمات.

مصادر الطاقة هذه ، يطلق عليها ؛ في القاموس البيئي Environmental Dictionary ؛ الطاقة النظيفة ( Clean Energy) التي لا تحمل مواد ملوثة ، كالغازات وثاني أكسيد الكاربون ، كما يطلق عليها في الآن نفسه الطاقة المتجددة Renewable energy ) ) باعتبار مصادرها الطبيعية التي تتجدد باستمرار ولا تنضب.

التجربة الرائدة للمغرب الطاقي

يمتلك المغرب إمكانيات كبيرة في مجال الطاقة النظيفة، بفضل موقعه الجغرافي الذي يمنحه موارد هائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. 🌬️☀️ وقد حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، حيث يهدف إلى أن تساهم الطاقات المتجددة بأكثر من 52% من مزيج الكهرباء الوطني بحلول عام 2030.

تعتبر محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، بقدرة إنتاجية تصل إلى 580 ميغاواط، وتعد نموذجاً لالتزام المغرب بالتحول الطاقي. إلى جانب ذلك، شهد قطاع طاقة الرياح نمواً كبيراً، حيث أصبحت طاقة الرياح أكبر مصدر للطاقة المتجددة في البلاد، متجاوزةً الطاقة الكهرومائية لأول مرة. وقد وصل إجمالي القدرة المركبة من مصادر الطاقة المتجددة في المغرب إلى 5.4 جيغاواط.

على الرغم من الإنجازات، يواجه المغرب بعض التحديات في مجال الطاقة النظيفة، مثل الحاجة إلى تعزيز شبكات نقل وتوزيع الكهرباء لضمان إمداد مستمر، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالتقطع في إنتاج الطاقة المتجددة. كما أن المغرب ما زال يستورد أكثر من 90% من احتياجاته من الطاقة، خاصة من الوقود الأحفوري، مما يؤكد أهمية مواصلة الاستثمار في الطاقات النظيفة لتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية.

المغرب واستخدام الطاقة النظيفة

تُستخدم الطاقة النظيفة في المغرب في عدة مجالات، وفيما يلي أهمها:

* إنتاج الكهرباء: يعتبر هذا هو المجال الرئيسي لاستخدام الطاقة المتجددة في المغرب. حيث يتم توليد الكهرباء من مصادر مختلفة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية، ويتم دمجها في الشبكة الكهربائية الوطنية. تهدف الاستراتيجية المغربية إلى رفع حصة الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء إلى أكثر من 52% بحلول عام 2030.

* الزراعة والري: تُستخدم الطاقة الشمسية بشكل متزايد في مجال الزراعة، خاصة لضخ المياه من الآبار لأغراض الري. وهذا يساعد المزارعين على تقليل اعتمادهم على الديزل والكهرباء التقليدية. كما أن هناك مشاريع لتحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة لتلبية الاحتياجات المائية للقطاع الزراعي.

* تحلية مياه البحر: لمواجهة التحديات المتعلقة بالجفاف ونقص المياه، يعتمد المغرب على الطاقة المتجددة لتشغيل محطات تحلية مياه البحر. وهذا يقلل من تكلفة عملية التحلية ويجعلها أكثر استدامة.

* الصناعة: يتم استخدام الطاقة النظيفة في بعض الصناعات، لا سيما في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته مثل الأمونيا، والتي تُستخدم في صناعة الأسمدة والصلب والإسمنت. وتهدف هذه المشاريع إلى تقليل البصمة الكربونية للصناعة المغربية وتلبية احتياجات الأسواق الأوروبية.

* الاستخدامات المنزلية والعامة: تُستخدم الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء للمنازل في المناطق النائية غير المتصلة بالشبكة الوطنية. كما يتم استخدامها في مشاريع الإنارة العامة، مثل إنارة الشوارع.

تحدث هذه القفزة الكبيرة في مجال الطاقة النظيفة بفضل مشاريع ضخمة مثل محطات الطاقة الشمسية في ورزازات، ومزارع الرياح في طرفاية.

تجربة المغرب في استخدام الألواح الطاقية

تُعد تجربة المغرب في استخدام الألواح الشمسية العائمة على السدود لخفض تبخر المياه وإنتاج الطاقة النظيفة خطوة رائدة ومبتكرة في مجال الأمن المائي والطاقي.

أبرز تفاصيل هذه التجربة:

* الموقع: انطلق المشروع التجريبي في سد طنجة المتوسط، شمال المغرب. ويهدف إلى تحقيق هدف رئيسي :
خفض تبخر المياه حيث تساهم الألواح الشمسية العائمة في تغطية سطح السد، مما يقلل بشكل كبير من تبخر المياه الذي يتفاقم في فصل الصيف، فتصل معدلات التبخر في سد طنجة المتوسط إلى آلاف الأمتار المكعبة يوميًا.

آفاق المغرب في المجال الطاقي (مؤتمر ورزازات)

انعقد المؤتمر السادس عشر للطاقة في مدينة ورزازات بتاريخ 23 أبريل 2025، ومن مخرجاته :

* تجاوز هدف 52% من الطاقة المتجددة في مزيجه الكهربائي بحلول عام 2026، أي قبل أربع سنوات من الموعد المحدد سابقًا.
* التركيز على العلاقة بين الطاقة والأمن المائي، مع التأكيد على أن مشاريع تحلية مياه البحر المستقبلية ستعتمد بشكل متزايد على الطاقة النظيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *