منتدى العمق

أخنوش.. “شبح جميع الأجيال”

لَم يكن عزيز أخنوش، ولا مَن دفَع بمسيرته من أجل الإقلاع من “مشاوري” بسيط يتبَع تعليمات وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري إلى رئيسٍ للحكومة، ينتظِران أبداً أن يُصبِح رأس الرجل السياسي مطلوباً بشدّة من طرف جيلٍ لم تُعِره الدولة أي اهتمام أو اعتبار بخلفية سياسية أو فكرية، نظراً لوسائل التدجين التي استعملتها معه عبر برامج “المسخ” والترفيه التي فُتِح لها بابٌ لم يُغلَق إلى حدود الساعة.

مصيبة أخنوش ومَن معه هي أن مطلب توقيع نهايته السياسية جاء من نفس الجيل الذي كان يعتبِر أن سياسات وبرامج وزير الشباب المهدي بنسعيد في “الألعاب الإلكترونية” والانفتاح على سهرات “الكلام الخاسر” في التلفزيون العمومي قد دجّنته بشكل كامل، ما يجعلنا أمام فرضية “الرفض الجيلي”، حيث إن الرجل -أي أخنوش – حصل على العلامة الكاملة في كونه منبوذاً من جميع الأجيال.

فكيف يمكن لأخنوش مثلاً أن يخرج لمواجهة جيل “طفرة المواليد Baby boomers” الذي يعيش أصحابه فوق الستين، وهو الذي أقلعت معه الأسعار والمعيشة نحو مستويات لم يسبق أن سُجِّلت حتى في معسكر الدول الشيوعية التي ترفُض الاستيراد وتعيش على إنتاجها الداخلي البسيط؟

وكيف يمكن للملياردير الغارق في ريع الصفقات العمومية التي يحصل عليها من نفسه، مثل صفقة تحلية المياه في جهة الدار البيضاء، أن يواجه جيل “X” الذي يحوم بين الأربعين والستين، وهو الذي جعل الطبقة الوسطى تتقهقر في إمكانياتها المادية لتصبح متساوية مع الطبقة الأوسع من المغاربة، “طبقة العطّاشة” الذين يشتغلون من أجل دفع الضرائب وتقوية الإنتاج لصالح “أوليغارشيا” المال والمستفيدين من ريع مشاريع الدولة وصفقاتها؟

وهل يمكن لصاحب “أكوا” المتمكّن من مفاتيح الأرض والسماء أن يحصل على الإشادة من جيل “الألفية Millennials” الذي يمتد من نهاية العشرينات إلى الأربعينات، وهو الذي – أي أخنوش – أغلق أمام هؤلاء جميع منافذ الانتفاع الاقتصادي المشروع عبر تسقيف مباريات الوظيفة العمومية، وترسيخ فضاعة “الزبونية” و”السمعة السيئة” في الانتقاء في هذه المباريات، كما شاهدنا في مباراة المحاماة وعدد من التوظيفات ذات الطابع السياسي المشبوهة في الوزارات والمصالح التابعة لمسؤولين منتمين لأحزاب “الثلاثي” الحكومي.

أما جيل “زد ” z ، فخر الأجيال وسيّدها، فقد نادى مبكراً بأنه رفض ويرفض سياسة أخنوش العمومية في تسيير شؤون البلد، من خلال إغراقه الحكومة بالدخلاء معدومي الكفاءة مثل وزيري الصحة والتعليم، وها هم أصبحوا يشكّلون سبباً مباشراً لزعزعة استقرار هذا البلد من خلال ولائهم لمن اقترحهم. فإذا كان أخنوش قد أحرق أوراقه مع كل هذه الأجيال، فكيف سيكون حاله إن استمر حتى أصبح في مواجهة جيل “الألفا Alpha” الذي لم يعُد أمامه الكثير للشروع في إعطاء رأيه فيما يحدث في البلاد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *