“إسكوبار الصحراء”.. موثق يكشف تفاصيل “بيع غامض” والوكيل العام يقرر متابعته

في جلسة جديدة من محاكمة سعيد الناصيري، البرلماني السابق ورئيس نادي الوداد الرياضي، التي انعقدت اليوم الخميس، واجهت المحكمة الماثل أمامها بموثق سبق أن أشرف على إبرام عقد بيع شقة بمدينة السعيدية بين الناصيري وسيدة تدعى “العاشوري”.
الجلسة عرفت نقاشا مطولا بين هيأة الحكم، الموثق، والناصيري، حول تفاصيل عملية البيع، وتناقض التصريحات بين الطرفين بشأن حضور عملية التوقيع وطريقة الأداء المالي.
وأكد الموثق أمام المحكمة أنه هو من حرر العقد موضوع القضية، مؤكدا أن عملية البيع تمت وفق المساطر القانونية المعمول بها.
وأفاد بأن الطرفين، البائع والمشتري، لم يحضرا في اليوم نفسه إلى مكتبه، موضحا أن السيدة “العاشوري” حضرت أولا وقدمت جميع الوثائق الإدارية والمالية المطلوبة لإتمام البيع، ثم وقعت على العقد بعد استكمال الإجراءات المرتبطة بالقرض البنكي.
وأشار الموثق إلى أن المشترية استفادت من قرض بنكي بقيمة 40 مليون سنتيم عقب توقيع عقد “الوعد بالبيع”، وهو ما مكنها من استكمال الشروط القانونية لإبرام عقد البيع النهائي.
وأضاف أن سعيد الناصيري حضر لاحقا إلى مكتبه ووقع على العقد بصفته البائع، مؤكدا أنه توصل بمستحقاته المالية عن طريق شيك مصرفي، وأن العملية “مرت في إطارها العادي ووفق القانون”.
في المقابل، قدم سعيد الناصيري رواية مغايرة تماما، نافيا أن يكون قد التقى الموثق أو حضر إلى مكتبه. وقال أمام المحكمة: “أنا ما مشيتش عند الموثق، العقد وصلني من عند فؤاد اليازيدي، اللي كان مكلف بعملية البيع نيابة عني. هو اللي دار كلشي، وانا ما شفت لا الموثق ولا المشترية”.
وأوضح الناصيري أن فؤاد اليازيدي كان يتولى الإشراف الكامل على عملية البيع، مؤكدا أنه سبق أن سدد ثمن الشقة قبل إبرام الصفقة، قبل أن يقترح عليه اليازيدي بيعها لمشترٍ جديد. وأضاف قائلا: “اليازيدي جا عندي قال ليا نبيعو الشقة، وبعد شوية قال ليا كاين اللي غادي يشريها بلا ما نزيد عليك المصاريف، وفعلاً باعها هو بـ74 مليون وأنا خديت 65 مليون”.
وتوقفت المحكمة بدورها توقفت عند ملاحظة أثارت الانتباه، إذ تبين أن العنوان المضمن في العقد لا يطابق أيا من العناوين الثلاثة المسجلة باسم الناصيري منذ سنة 2011.
وأفاد الموثق بأن العنوان “ليس عنصرا جوهريا في صحة العقد”، مبرزا أن تطابق الهوية ورقم البطاقة الوطنية وتاريخ الازدياد هي العناصر الأساسية للتوثيق، مرجحا أن يكون العنوان قد تم الإدلاء به “بشكل شفهي” من طرف الناصيري أو من يمثله.
أما في ما يتعلق بطريقة الأداء المالي، فقد نص العقد على أن الموثق توصل بمبلغ 40 مليون سنتيم من البنك، فيما تم تسليم 30 مليون سنتيم إضافية بشكل مباشر بين البائع والمشتري.
لكن الموثق أوضح أمام المحكمة أن العملية لم تتم بتلك الصيغة، مؤكدا أن الناصيري توصل بالمبلغ الإجمالي عبره بعد خصم المصاريف الإدارية، مشيرا إلى أنه سلمه شيكا بقيمة 67 مليون سنتيم، قدمه كدليل على عملية الأداء.
وفي ختام الجلسة، فاجأت النيابة العامة الحاضرين بطلبها إعداد محضر خاص في حق الموثق، بعدما تبيّن أنه أخرج العقد الأصلي من مكتبه دون إذن قضائي مسبق، وهو ما اعتبرته النيابة خرقا واضحا لمقتضيات القانون المنظم لمهنة التوثيق.
وطلبت النيابة من المحكمة إحالة الموثق على النيابة العامة المختصة من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، معتبرة أن هذه الواقعة تستوجب المتابعة وفق الضوابط المهنية والقانونية الجاري بها العمل.
اترك تعليقاً