وجهة نظر

حقنا في مكتبات عصرية

في الدول المتقدمة يمكن الوصول إلى كتاب معين داخل المكتبات الجامعية أو الوطنية في بضع تواني فقط ؛ ومقابلته مباشرة في دقيقة ، ثم ومعرفة محتواه الهام في دقائق ؛ وفي معظم الأحوال يمكنك مقابلته عن بعد عبر موقع قاعدة بيانات الكتب المفتوحة والخاصة ، وحجزه دون الحاجة الى قطع الكيلومترات إلى بناية الخزانة .

أما عندنا فعليك أن تبحث أولا عن مكان الخزانة في الكلية ثم عن مكان جرد الكتب داخل الخزانة ، فإذا وجدته يتوجب عليك البحث عن الفرع الذي ينتمي إليه ما تبحث عنه ، ثم تأخذ صفا لكي تصل إلى دورك في البحث في قائمة ورقية تظم ألاف العناوين .

إذا وجدت العنوان المناسب سيتوجب عليك البحث عن ورقة استمارة لتسليمها للمكلف بالبحث عن الكتب ، فإذا كنت محظوظا ولم يشعر المكلف بالبحث عن الكتب في الرفوف بالتعب فعليك أن تنظر دقائق طويلة لكي يرد عليك بكتاب أو بعلامة على تلك الورقة تفيد أن الكتاب غير موجود ؛ وإلا فعليك أن تتوقع الرد الثاني في بضع ثواني فقط … أما الخيار الثالث فهو أن ترد الكتاب بعد دقائق لأنه لا يناسب ما تبحث عنه .

أرأيت الفرق بيننا وبينهم ، وإن وُفِقت في الجزم سأقول أن الطالب الإنكليزي (مثلا) يمكن له الوصول مباشرة إلى كتاب مناسب لما يبحث عنه في 10 دقائق ، والطالب المغربي (مثلا) سيصل إليه في ثلاث أيام أو أكثر على أقل تقدير !

إن هذه المقارنة تجسد بالفعل أصل أزمة البحث العلمي بمعظم الدول الإسلامية ، وأقصد هنا جميع تخصصات العلوم ، لأن هذه الدول ، رغم أن هذا القرن هو الواحد والعشرين للبشرية والثالث عشر بعد أكبر نهضة علمية شهدها العالم ، مازال باحثوها غارقين في البحث عن الدلالة اللغوية والاصطلاحية للمصطلحات التي يصادفونها ، في الوقت الذي وجب عليهم أن يبحثوا عن تسميات جديدة لتضاف للقاموس العربي ، وأن ينتجوا نظريات علمية جديدة ثم ابتكارات جديدة …

• هل ليس لدينا الإمكانيات المادية للوصول إلى ما وصل إليه الآخرون ؟!

بالعكس ، ففي هذا الوقت يكفي لإنجاز مكتبة رقمية متطورة من درجة متوسطة آلاف الدراهم فقط ، في حين لن تتجاوز خزانة أكثر تطورا ملايين الدراهم فقط ، وليست تكلفة باهظة إذا ما قارناها بالمآدب والحفلات التي تنظمها الجامعات والتي تكلفها الألاف والملايين من الدراهم سنويا .

• لماذا إذن لا يريدون مسايرتنا مع التقدم العلمي الهائل الذي حصل بالعالم الآخر ؟!

أنا شخصيا لا أعرف لماذا ! ولكن لدي شك بصحة نظرية المؤامرة الكبرى ن تلك التي تقول أننا كمسلمون وعرب وكطلاب وباحثين لسنا أجدر بالتطور الذي لم نساهم في بنائه ؛ نفس المؤامرة التي أقنعت أصحابنا في سدة القرار سببا كي نبقى على حالنا إلى الأبد .

• رسالة من أجل جودة البحث العلمي ومن أجل التقدم .

إن المرء ليشعر بالأسى عندما يقرأ التاريخ فيتعرف على حقيقة حرق الصليبين ثلاثة ملايين كتاب بمكتبة بني عمار بسوريا في القرن العاشر الميلادي ، وتلك الملايين التي سرقت من خزائن العراق في مطلع هذا القرن ، والألاف أو الملايين التي ستنهب في الأزمات الأهلية التي تعصف بالدول الإسلامية ؛ فيتساءل : إلى متى سنبقى نعيد إنتاج نفس المعلومات ؟!

لقد حان الوقت لكي نتطور أيضا كغيرنا ولن يحدث ذلك إلا إذا وفرت لنا جميع مصادر المعرفة بدون تحفظات وعلى باحثي الدول العربية ، والدولة المغربية بالخصوص ، ومثقفيها أن يطالبوا بالحق في الوصول إلى المعلومة العلمية التي بحوزة الخزانات والمكتبات الجامعية والوطنية بسرعة.

وأقترح أن تكون مطالبنا للوزارة المكلفة بالبحث العلمي بحقنا في مكتبات عصرية :

تتوفر على أحدث الكتب الصادرة .

حرة تسمح لنا في البحث المباشر عن الكتب في الرفوف .

رقمية عربية على متوفرة على الأنترنيت تكفينا عناء قطع الكلومترات بين المدن …