وجهة نظر

مائة سنة على سايكس-بيكو

بحلول ماي 2016، تكون قد مرت مائة سنة على اتفاقية ”سايكس بيكو” المشؤومة، اتفاقية جاءت لتوزيع كعكة الرجل المريض” الدولة العثمانية” مابين ثلاث قوى استعمارية آنذاك وهي: فرنسا، بريطانيا، وروسيا القيصرية. اﻹتفاقية اللعينة سبقتها (اتفاقية القاهرة السرية) بين المنذوب البريطاني لشؤون الشرق الأدنى ”مارك سايكس”، والمنذوب الفرنسي ”جورج بيكو”، والمنذوب الروسي، لينتقل الجميع بعد ذلك إلى بطرسبرغ لتوقيع اﻹتفاقية المعروفة ب”سايكس بيكو”.

استرجاع اتفاقية ”سايكس بيكو” اليوم من خلال الرجوع إلى الذاكرة التاريخية التي تشكل أرشيف أي شعب أو أمة، ضرورة ملحة تفرضها الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط، وذلك من باب فهم أو محاولة فهم مايجري هناك، وهل نحن بصدد سايكس بيكو جديدة؟.

صحيح من الممكن أن نكون أمام ”سايكس بيكو” جديدة، لكن وفق مستجدات دولية، وإقليمية جديدة هي الأخرى. بدأت مع سقوط جدار برلين، وانهيار اﻹتحاد السوفياتي هذا على المستوى الدولي، أما إقليميا مع انهيار نظام صدام حسين في العراق، ودخول سوريا في فوضى أقل مايقال عنها أنها تدخل ضمن مخطط “الفوضى الخلاقة”، الذي بشرت به ”كوندا ليزا رايس” في تصريحها لواشنطن بوست سنة 2005 .

”سايكس بيكو” جديدة من الممكن ألا تكون وفق تقسيم جغرافي بتدخل مباشر للدول الغربية، ولكنها تأخذ طابعا طائفيا أو لغويا أو…، كما أنها تعمل على تأسيس دويلات لها تخدم مصالحها؛ بغية تشتيت المنطقة ضمانا لأمن، واستقرار المدللة الغربية “إسرائيل”.

المتتبع للتحولات، التي يعرفها العالم على مستوى العلاقات الدولية؛ سواء أكانت إقتصادية، أم سياسية، أم غير ذلك، سيرى أنها علاقات مبنية على المصالح، ولا تبنى على مواقف تابثة تحكمها التزامات أخلاقية، فليس من العجب ان يصبح عدو الأمس صديق اليوم، وصديق الأمس عدو اليوم، أي أن خريطة الأصدقاء والأعداء يتم تغييرها وفق المصالح.

إذن تبقى مسألة العودة الى تاريخ بوصلة الأمة العربية، وأرشيفها؛ ضرورة ملحة لعدم تكرار تجارب الماضي الأليمة التى لم نتج غير الشتات، والتفرقة، والتبعبية العمياء للغرب اﻹستعماري، فالمطلوب اليوم من القوى العربية وضمائرها الحية، وعلى رأسها المثقف العربي الوقوف في وجه كل المخططات اﻹستعمارية الجديدة؛ التي تهدف إلى إنشاء دويلات مسلوبة قرارها السيادي تابعة للدول الغربية.