وجهة نظر

“السوبير داعش”

مباشرة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وتفككه، تم إعلان النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك أصبح المعسكر الغربي المستفيد الوحيد من سقوط قائد المعسكر الشرقي لـ “URSS”، حيث ثم إسدال الستار على سنوات من الحرب الباردة والساخنة معا، وهكذا أصبحت أمريكا تقود العالم سلما وحربا، فهل نجحت فعلا في حل النزاعات الكبرى الموروثة عن النظام العالمي القديم؟ و باختصار هل أصبح العالم تحث قيادتها أكثر أمنا وعدلا؟.

في الحقيقة لم تكد أمريكا المنتشية بنتصارها تتربع على عرش العالم، حتى ظهرت المشاكل الخطيرة من جديد، وبذلك تبدد وهم البشرية في تحقيق الأمن و الاستقرار، فكانت بداية متاعب الناس مع تفجير برجي مركز التجارة الدولية “بمنهاتن” يوم الثلاثاء الموافق لـ 11 سبتمبر 2011، وتم كذلك تفجير مقر وزارة الدفاع الأمريكية “البانتجون” في نفس اليوم، وهكذا دخل العالم من جديد في دوامة العنف الأعمى، وكرد فعل غاضب من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، تم تداول مصطلح “محاربة الإرهاب” لأول مرة كشعار لسياسة أمريكا الخارجية، كما أبدعت هذه الأخيرة سياسة “الضربة الإستباقية”، وحشر الرئيس الأمريكي “بوش” دول العالم في الزاوية، بعد حدث التفجير موجها خطابه إلى هذه الدول حيث قال:”..إما معنا أو مع الإرهاب..”، و هكذا أصبحت الدول مرغمة على تتبع “نصائح” “العم سام”، فقام الكثير من الدول التابعة و الضعيفة بسن قانون الإرهاب تماشيا مع رغبة الأقوياء.

فكانت النتائج كارثية حيث ثم تدمير عدت دول بحجة دعمها للإرهاب، من بينها العراق وأفغانستان والصومال..، لقد كانت البداية بتدخل أمريكا في أفغانستان و محاولتها تدمير”القاعدة” وزعيمها “بن لادن”، الذي يشكل حسب زعمها رأس حربة في توجيه الإرهاب نحو الدول الغربية، وبعد سنوات من المطاردة قتل بن لادن وشلت نسبيا “قاعدته”، فظن العالم أن الإرهاب ولى ومن غير رجعة، لكن خاب ظن الناس من جديد في تحقق الأمن والاستقرار، فما كادت تنطفئ نار إرهاب جماعة “القاعدة”، حتى ظهرت منظمة”داعش” وهي على كل حال نسخة منقحة ومزيدة من “القاعدة”، ولسوء حظ المسلمين فهذه المنظمات لا تظهرإلا فوق أراضيهم، لكن هناك فرق فـ”داعش” أقرب للعالم العربي جغرافيا من القاعدة ولا فخر، فعجبا لهذه الأخيرة فرغم حداثة نشأتها، إلا أنها استطاعت احتلال مناطق شاسعة من العراق وسوريا في وقت قياسي، وانتقلت من آسيا إلى إفريقيا حيث استقرت بليبيا، وبدأت تهدد دول المغرب العربي بشن هجمات إرهابية على دوله، هذا من جهة ومن جهة أخرى ضربت قلب أوروبا، فكانت البداية عاصمة فرنسا “باريس”، حيث نجي رئيسها “هولاند” بعد وصول الإرهابيين إلى مكان تواجده، ثم كانت عاصمة أوروبية أخرى ضحية “داعش” إنها “بروكسل”ببلجيكا، والسؤال المشروع هنا هو كيف استطاعت منظمة حديثة النشأة اكتساح هذه الدول والتلاعب بمخبراتها الفائقة التدريب والتكوين؟
أسميتها في عنوان المقال” السوبيرداعش”، وهي كذلك لقد استطاعت تحقيق إنجازات”إرهابية”.. !! غير مسبوقة وفي ظرف وجيز، وبذلك تجاوزت منظمات إرهابية أكثر شهرة وتجدرا ، كـ منظمة “المافيا” الصفراء الصينية و”المفيا” البيضاء الإيطالية والأمريكية، فرغم أن منظمة “السوبير داعش” الإرهابية لم تتجاوز العقد الأول من نشأتها، فهي اليوم أصبحت شبحا يقض مضاجع الشرق والغرب على السواء، وأصبحت العواصم الغربية تترقب الضربة القادمة، وبدأت ثقة الأوروبيين في أجهزت مخابراتهم الفائقة التدريب تهتز، فمن يمول هذا البعبع ومن يسلحه وكيف يصل لأهداف شديدة الحراسة وإلى تحصينات جد محكمة؟ ومن المستفيد من عملياته الإرهابية؟ وهل ورائها دولة أو عدت دول؟ ففي الوقت الحالي لا نملك جوابا شافيا، فالممول مجهول و العقول المدبرة مستترة و الجواب ليس بالسهل، فقد “اختلط الحابل بالنابل” كما يقول المثل العربي، فمن هو الظالم والمظلوم والصديق أو العدو؟ الكل مرتبك ولا نملك إلا أن نقول:”..اللهم أحفظ الجالية المسلمة من شر انتقام أقصى اليمين..” فهم في الحقيقة مجرد رهائن عند هذه الشرذمة المتطرفة.