وجهة نظر

بويخف يرد على تدوينة الشقيري ويستغرب فحواها وتعميمها

تدوينتك التي عنونتها بـ”الساعة الإضافية تفسد على الناس دينهم ودنياهم!” حققت حضورا إعلاميا كبيرا على “النيت” ومن دون شك ستسجل نفس الحضور القوي في الصحافة الورقية أيضا غدا بحول الله، وقد تنتقل إلى الصحافة الأجنبية أيضا، والتعليقات عليها في صفحتك على فايسبوك أقدر أنها سجلت رقما قياسيا في تاريخ التعاليق على تدويناتك… لكن ما هو مضمون هذا التفاعل الواسع مع تلك التدوينة؟ وماهي نتيجته؟ وما هي آثاره؟ أسئلة بسيطة قد تساعد في التقييم والتقويم معا، خاصة وأنك تقدم على أنك “إسلامي” و”قيادي في التوحيد والإصلاح” و”قيادي في العدالة والتنمية”.

الفاضل أحمد، مع التأكيد على حقك في حرية التعبير والنشر، أود إبداء ملاحظات عامة أرى من الضروري تسجيلها، لا تتعلق أبدا بمناقشة وقت الجماع، فهو في رأيي يدخل في إطار حرية الأزواج في اختياره، كما لا تتعلق بأوقات الصلاة إذ لا يشكل التوقيت الإداري ذي الساعة الإضافة أي استثناء في عدم تناسبه مع أوقات الصلاة المتغيرة على طول السنة.

الفاضل أحمد،
دون أن تدعي ذلك، لقد أصبحت “عالما” بأحوال الناس الخاصة، واتضح لك أن هناك ظاهرة (واسعة الانتشار) تتعلق بوجود مواطنين يطوفون بين الناس طيلة السنة بجنباتهم ولا يحافظون على صلواتهم، (حسب تدوينتك الثانية التي انتقدت فيها التعليقات على تدوينتك التي سميتها الشهيرة) …

كان من ألف باء الدعوة التي تعلمناها في مطلع الثمانينات من القرن الماضي أن الدعاة ليسوا قضاة، ولا يحاكمون النوايا، ويهتمون بالقضايا الحقيقية التي تفرض نفسها على المجتمع، أو بالمشاكل الظاهرة، أو بشكاوى من المواطنين… وفي هذا السياق أريد أن أثير انتباه أخوتكم إلى أن “المشكلة” التي أثرتها لم تكن حتى خاصة بك، إذ أقررت في تفاعلك مع المعلقين أنك لا تكتب عن نفسك لأنك أستاذ جامعي له فضل من الوقت الكافي لتنظيم الجماع والصلاة، ولا أدري كيف سمحت لنفسك أن تعممه رغم ذلك على كل المغاربة وأنت دكتور في الرياضيات؟ هل قمت بدراسة وخلصت إلى أن للتوقيت الإدراي ذي الساعة الإضافية مثل تلك الأضرار؟ جوابك سيدي واضح: لم تقم بأي دراسة …هي إذن مشكلة افتراضية فقط.

لكن سي أحمد ما رتبته عن تلك المشكلة الافتراضية من أحكام قيمة بنفس ديني هي مربط الفرس في هذا التفاعل.

فقولك أن “الساعة الإضافية تفسد على الناس دينهم ودنياهم” حكم خطير وأنت تعلم أن أمرا من هذا الحجم من الخطورة يستحق أن ينتفض ضده الشعب المغربي كله وليس فقط ساكنة الفايسبوك. والسؤال المنهجي في هذا الإطار هو: لماذا لم تؤطر نقاشك بالقواعد المقاصدية، فتقارن مثلا بين المصالح العامة للتوقيت الإداري ذي الساعة الإضافية التي تقول الحكومة أنها هي المصوغ لاعتماد ذلك النظام في التوقيت، وبين أضراره المظنونة على حياة بعض الأشخاص كما “زعمت”، قبل أن تخرج بتلك الأحكام؟

إذا كنت تتحدث عن “أفضل الأوقات” في الجماع وليس عن “أوجبها شرعا” فكيف للساعة الإضافية أن تفسد على الناس دينهم في ذلك؟ هل تعلم ماذا يعني إفساد الدين؟ إذا لم تكن تتحدث عن مشكلة حقيقية، وإذا كان مجال تلك “المشكلة المفتعلة” مجال اختيار الأفضل، وما يعنيه ذلك من حرية الاختيار، فأنت جانبت الصواب على أكثر من صعيد، اخترت هذه الإشارات في مجال أظن على أقل تقدير أن لك فيه باع مقدر.

حقيقة لقد صدمت كثيرا للتأطير بالنفس الديني الذي مارسته في تدوينتك الأصلية التي تحدثت فيها عن “إفساد الدين والدنيا”، وفي تدوينتك الأخيرة التي عقبت فيها على التوجه المستنكر لتدوينة “الإفساد”، وفي تفاعلك من التعليقات.

سي أحمد، الدين لا يصلح لتبرير الانطباعات الشخصية، ولا لتحويل تلك الانطباعات إلى قضايا في الدين والدنيا أيضا.

أرجو أن تتقبل هذه الملاحظات بروح رياضية معهودة فيك، لكن أرجو بعد ذلك أن تقوم بنقد ذاتي بناء على تلك الملاحظات.
وأدام الله على المسلمين نعمة حرية اختيار أوقات الجماع، ونعمة اليسر في أوقات الصلاة.