وجهة نظر

الزاكي زارع الأشجار ورونار خاطف الثمار

بداية هنيئا للفريق الوطني المغربي بفوزه على الرأس الأخضر، وهنيئا له التأهل، لكن سامحوني إن قلت لكم إن الفوز لم يكن طعمه حلوا، بل كان فيه من المرارة الشيء الكثير.. وسأورد في هذه المقالة بعضا منها.

رونار خاطف الثمار، إنه المدرب الفرنسي القادم من بلاد المحتلين، قدم قبل شهر وقاد المنتخب المغربي بشبانه المقيمين خارج الديار المغربية، -قدِم للمغرب بطلب من لقجع الذي سرّح قبل إعلان إقالة الزاكي بأن بادو سيستمر في قيادة المنتخب، إلا أنه خرج بعد أيام، ليعلن عن الناخب الجديد، وبكل برودة وكأني به يقول أنا لست أنا، بالأمس لم نكن قررنا بعد، واليوم قررنا، ” البارح كنا لاعبين اليوم ما بقيناش” لا ضير ما هي إلا لعبة يلعب فيها وبها كما يريدون-

قدم رونار والمنتخب شبه جاهز لا ينقصه إلا من يقوده، قدم وقدمت له أجرة 10 وزراء في الحكومة المغربية، وميزانية أزيد من 100 أستاذ..، هذا إذا لم تحتسب التعويضات عن السفريات، هذا ما علمنا وما لم نعلم الله أعلم به، رونار “جا وجاب” طاقم تقني خاص يرافقه، طبعا من بلده فهو من يعرف حقا كيف يطبق “المثل المغربي الدارج خيرنا ما يديه غيرنا” لم نعرف أجرتهم وهو حق في ظل الديمقراطية المدعاة والشفافية والنزاهة..

قدم رونار وستنضاف له 200 ألف درهم، بعد المبارتين، قدم الفرنسي وانتصر بفضل مجهودات سلفه لسنتين خلتا، قدم وأكل الثمار بدون غرس، وإني لأشبهه بالفلاح الصغير والباترونا، إذ يعمد الفلاح على سقي الأرض وانتظارها حتى تكون صالحة للزراعة، ثم يزرع ويسهر الليالي، ويخلط النهار بالليل، حتى إذا أينعت وأزهرت وأثمرت وحان قطافها جاء صاحب الشكارة وأخذ الجمل وما حمل، وذاك ما كان بين الزاكي ورونار، لكن الزرع الأصيل يدعو لمن زرعه وسقاه وحافظ عليه حتى اشتد عوده، أما من قطفه وعمل على طحنه، فطبعا لا يكون له النصيب الأوفر.

حقا كان بودي أن يكون ناخب وطني على رأس المنتخب، تنتفض من أعماقه الوطنية غيرة على هذا الوطن، مفعما بروح الوطنية الأصيلة، محبا لأمجاد المغرب الكبير، تنظر في عينيه فتحس أنه يشاركك نفس الشعور وأنت تشاهد مباراة فريقك الوطني، لا كمن يفكر في الراتب الشهري والعقد الذي وضع قبل بداية التدريب، للأسف هذا ما لاحظته أثناء مشاهدة مباراة الفريق المغربي بالمدينة الحمراء، في ظل غياب المدرب الذي نريد، لا من أريد لنا.   

غياب الناخب الوطني المتميز بادو الزاكي والتنكر له من لدن المجموعة المسيطرة على اللعبة الدائرة، واستبعاده عن تدريب الفريق، كان له وقع سيء على نفسي، وعل مجموعة كبيرة من المغاربة تقاسمني نفس الشعور إن كان إحساسي في محله، ففي الوقت الذي كان الزاكي قريبا من قطف الثمار التي عمل على غرس أشجارها لما يقارب السنتين، تفاجأ المغاربة بقرار إقالته.

أقالوه لماذا؟ تساءل الجميع وكل بطريقته، وهو الذي نُصِّب رغم أنف المسيطرين على اللعبة، وذلك بطلب شعبي، ومن يتجرأ على تجاوز الشعوب في ما تريد..، أقالوه لأنه كانت له خلافات مع اللاعبين يقول أحد المتتبعين، أقالوه لأنه لم يقدم المبتغى منه يورد آخر، ويعلق آخرون أقالوه لأن له خلافات مع الطاقم التقني، أقالوه لأنه عمل على منع الشيشة و.. أثناء التداريب يضيف آخر ..، الحكاية طويلة عريضة، مطرب الحي لا يطرب، في نظرهم ولكنهم لم يطبقوا للأسف خيرنا ما يديه غيرنا، وإنما طبقوا “البراني ولا ولد البلاد إبان علينا” ..المهم أقيل الزاكي وارتاح المسيطرون وفتحت أفواه الحياحة الحقيقيون..

هنا نافذة أخرى من حلاوة الفوز المزين بمرارة “الحدج”، والحدج ثمرة تكثر بالجنوب الشرقي للمملكة طعمها كالدواء الذي يتجرع بصعوبة بالغة، وعل ما أورده مذيع المباراة سواء أثناء المقابلة الأولى لفريق الجالية المغربية المقيمة في الخارج، وفريق الرأس الأخضر، ليجعل من المشاهد للمباراة وهو يستمع إلى ثناءه وإعجابه، وقول كل ما يصدق وما لا يصدق عن فريق الأسود، طبعا ليسوا أسود الأطلس، لأنه لو سألنا معظمهم فإن القلة القليلة منهم من سيعرف أين يوجد الأطلس بالخريطة..

دعونا نرجع لصاحب نفسه، إذ وصف المنتقدين لإتيان رونار وإبعاد الزاكي  بالحياحة، -مع التحية الخالصة إذ لهم دور كبير ومهم في عملية الصيد، يوقظون النائم.. ويستفزون الحجل ووحش الغاب-، لكن استفزاز صاحب نفسه لمشاعر المغاربة جعل منه طريدة سهلة للاصطياد، وانقلب السحر على الساحر، فعوض أن ينوه بأعمال المدرب الوطني الزاكي ويذكر حسناته، ويطري على الفرنسي كما أراد، للأسف لم يذكره ولا ببنت شفة، وكأن 06 نقاط جاءت من عنديتها، والأمر من ذلك حديثه عن المدربين السابقين، لهذا البلد بطريقة هيليودية، أبناء المحتلين وكأننا فزنا بكأس العالم معهم.

“سمحلي زدتي فيه بزاف بالعربية تاعراب، راك عيّقت” المغاربة ليسوا مشوشين وليسوا حياحة، وكن أنت من وراء رونار، وهذا كلامك “سر يا رونار فكلنا وراءك، ولا تلتفت..”، اعلم يا صاحب نفسه أن المغاربة لا يقبلون غير المقدمة ولا يرضون لأنفسهم أن يكونوا وراء أحد.