منوعات

بويخف يكتب: “الزوجات” أسلحة فتاكة في الصراع الانتخابي الأمريكي !

في سابقة من نوعها تتحول “المرأة- الزوجة” إلى آلة حرب دمار شامل في الانتخابات الأمريكية. حرب عرفت انزلاقات خطيرة سياسية وأخلاقية غير مسبوقة، توجت مؤخرا باستهداف الزوجات بين المتنافسين من نفس الحزب !

“واقعة الزوجات” في التنافس الانتخابي الأمريكي تكشف المستويات التي يمكن أن ينزلق إليها الخطاب السياسي المتعطش إلى الانتصار بأي ثمن.

وقبل هذه الفضيحة كان العالم يتابع، بقلق شديد، تسلق المتطرف الجمهوري “دونالد ترامب” سلم الزعامة، من شدة التطرف الذي عبر عنه أحد المرشحين لرئاسة أقوى دولة في العالم.

فالجمهوري “ترامب” تجاوز التطرف المعهود في الخطاب الانتخابي الأمريكي المتعلق بالدعم الأعمى لأكبر دولة إرهابية في العالم، “إسرائيل”، حين أعلن أنه سيعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني إذا أصبح رئيسا للولايات المتحدة. وانتقل، في سابقة أولى من نوعها في السياسة الأمريكية، إلى المزايدة على المتطرفين الأوروبيين ضد المهاجرين عموما وضد المسلمين بالخصوص، بل وضد الإسلام نفسه بصفته دينا عالميا يدين به قرابة مليار مسلم، لكن “ترامب” وأشباهه لا يرون فيه سوى “التهديد” للعالم.

وسجل الجمهوري المتطرف “دونالد ترامب”، في إطار مزايدته على منافسيه داخل حزبه وفي الحزب الديموقراطي، مواقف إسلاموفوبية غير مسبوقة في درجة تطرفها، كان آخرها اعتباره كل المسلمين، وليس المتطرفين منهم فقط، تهديدا للأمن القومي للولايات المتحدة، مطالبا بتسيير شرطة خاصة لمراقبة المسلمين في أحيائهم السكنية وإجازة التعذيب !

لكن كأس التطرف التي يسقي منها “ترامب” المشهد السياسي الأمريكي هي نفسها التي سيتجرع منها سم التطرف ويتذوق مرارته يوم الثلاثاء 22 مارس. ففي مساء هذا اليوم تلقى “ترامب” صفعة متطرفة قوية بواسطة صور عارية لزوجته في إعلان سياسي ساخر اتهم “ترامب” غريمه من حزبه “تيد كروز” بالوقوف وراءه. وهدد هو الآخر منافسه بفضح زوجته هو الآخر !

وحسب ما أوردته وكالة الأنباء “رويترز” فقد لجأ المرشحان المتنافسان للرئاسة الأمريكية من الحزب الجمهوري، “دونالد ترامب” و”تيد كروز”، لموقع “تويتر” ليدافع كل منهما عن زوجته بعدما نشرت جماعة سياسية مؤيدة لـ”كروز” إعلانا لزوجة “ترامب” عارية، وهدد الملياردير المتطرف “بفضح” زوجة منافسه.

وأصدر “ترامب”، حسب نفس الوكالة، تهديده مساء نفس اليوم الثلاثاء حين غضب بشأن إعلان ظهرت فيه زوجته العارضة السابقة “ميلانيا ترامب” عارية وهي مضطجعة مع تعليق يقول: (إليكم ميلانيا ترامب.. السيدة الأولى القادمة.. أو بإمكانكم تأييد تيد كروز يوم الثلاثاء)!

لقد اغتاض “ترامب” حين مس في أقرب الناس إليه، وغضب، وهدد، واتهم غريمه بالانزلاق إلى المحظور، ووصفه بـ”الكذاب”، وقد يقدم على مزايدات ضد غريمه تكون أكثر إمعانا في الحمق والتطرف.

لكن سواء تعلق الأمر باستهداف الزوجات أو باستهداف الإسلام والمسلمين، فنحن أمام ظاهرة واحدة خطيرة ومدمرة، وهي ظاهرة تنصل المنطق السياسي من القيم الإنسانية الأساسية، وتلك الظاهرة الآخذة في الانتشار بشكل مقلق في أوروبا وفي أمريكا، تنذر بإعادة تجارب مؤلمة عاشتها الإنسانية في السابق، خلفت جروحا لا تندمل، في الإنسانية (جميع بؤر التوتر في العالم خلفها منطق سياسي لا إنساني)، وفي جغرافية العالم أيضا، ولعل أرض فلسطين المغتصبة خير شاهد على ذلك.

وتؤكد مثل هذه الوقائع، التي وشمت بالسوء الحملة الانتخابية الأمريكية، أن المنطق السياسي المتنصل من القيم الإنسانية الأساسية هو منطق “الدمار الشامل” الذي يتهدد العالم. فذلك المنطق الذي استرخص “زوجات” المتنافسين الجمهوريين على الفوز بتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، هو نفسه المنطق الذي استرخص كرامة أزيد من مليار مسلم في العالم، بل نفسه المنطق الذي يسترخص الأمن العالمي وكرامة الإنسان كل يوم وفي كل مكان بالقدر الذي يكون فيه.