منوعات

في الذكرى 12 لاستشهاده.. هكذا عاش مؤسس “حماس”

أحمد ياسين، ذلك الشيخ الفاقد الحركة، الثائر المؤثر، ركز كل قوته في فصاحة وقوة خطاباته، وعمق ثقافته بالدين واللغة والتاريخ، نشأ يتيم الأب، فقيرا، قانعا زاهدا، عرف العمل صغيرا، أصيب بالشلل أثناء ممارسته رياضة الجمباز وهو في السادسة عشرة من عمره، كان أشهر خطيب عرفه قطاع غزة، اشتغل كمدرس للغة العربية والتربية الإسلامية.

المولد والنشأة

ولد أحمد إسماعيل ياسين في قرية تاريخية عريقة تسمى جورة عسقلان في يونيو 1936، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية.

وكان معظم أهل القرية يعملون في الزراعة وصيد الأسماك. مات والده وعمره لم يتجاوز خمس سنوات، وأحب منذ الصغر اللعب في ماء البحر الذي لم يكن يبعد عن بيته سوى 200 متر فقط.

وأثرت عمليات النقل والتموين والاشتباكات العسكرية التي كانت تحدث بين الجيش المصري والقوات البريطانية عبر منطقة الجورة في وجدان الطفل الصغير الذي اعتاد مراقبة تلك المشاهد عبر تل بجوار البيت. وكانت الأخبار التي ترامت إلى مسامعه حول المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في القرى المجاورة من أهم القصص التي بقيت عالقة في ذاكرته منذ ذلك التاريخ.

شلل مفاجئ 

في السادسة عشرة من عمره تعرض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به في تلك الفترة.

رغب أحمد ياسين في إكمال دراسته الجامعية، وجاءه في عام 1964 قبول بالانتساب إلى جامعة عين شمس في مصر، واختار دراسة اللغة الإنجليزية بها، وبالفعل سافر إلى القاهرة واستكمل إجراءات القبول وعاد مرة أخرى إلى غزة. ومع اقتراب العام الدراسي على الانتهاء واستعداده للسفر مرة أخرى إلى القاهرة للامتحان وقع ما لم يكن في الحسبان.

اعتنق الشيخ أحمد ياسين أفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر على يد الإمام حسن البنا عام 1928، والتي تدعو إلى فهم الإسلام فهما صحيحا والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة.

المؤسس المقاوم

أزعج النشاط الدعوي للشيخ أحمد ياسين السلطات “الإسرائيلية” فأمرت عام 1982 باعتقاله ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدرت عليه حكما بالسجن 13 عاما، إلا أنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة.

اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1987 مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الصهاينة بغية تحرير فلسطين أطلقوا عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية” المعروفة اختصارا باسم “حماس”، وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.

رحلة السجون 

دخل الراحل السجون الصهيونية مرات عديدة، بسبب “التحريض على إزالة الكيان “الإسرائيلي” من الوجود”، ولم يزده الاعتقال إلا إصرارا وعزيمة، حيث ختم القرآن وتعمق في دراسة التاريخ وأصول الفقه.

مع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في غشت 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان. لكنه لم يستجب لتلك التهديدات ولم يوقف نشاطه، بل ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء الفلسطينيين فقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم 18 ماي 1989 باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس.

وفي 16 أكتوبر 1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.

حاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بخطف جندي إسرائيلي قرب القدس يوم 13 دجنبر 1992 وعرضت على إسرائيل مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين.

وفي عملية تبادل أخرى في الأول من أكتوبر 1997، جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان، وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، أفرج عن الشيخ وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ وحتى الخامس من دجنبر 2001.

فرضت السلطة الفلسطينية على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية في أعقاب عمليات استشهادية أسفرت عن مقتل العديد من الإسرائيليين ردا على الاغتيالات الإسرائيلية لقادة الانتفاضة ورموز العمل الوطني في الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع الفلسطيني وتجمهر الآلاف أمام منزله ووقعت اشتباكات بينهم وبين الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تريد أن تثبت لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أنها لاتزال قادرة على الإمساك بزمام الأمور.

أسس لجان الإصلاح بقطاع غزة بعد خروجه من السجن عام 1997، بغية الإصلاح بين المتنازعين والحفاظ على قوة الجبهة الداخلية وضمان التحامها لمقاومة العدو الصهيوني.

الشهادة

استشهد “شيخ المجاهدين” فجر الإثنين الموافق للثاني وعشرين من مارس عام 2004، إثر عملية قصف بواسطة مروحية “الأباتشي” عند خروجه من مسجد المجمع الإسلامي بحي الصبرة في قطاع غزة على الساعة الرابعة والنصف فجرا، كما استشهد في هذه العملية التي أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي آن ذاك “أرييل شارون” بنفسه، سبعة من مرافقي الشيخ وجرح إثنان من أبنائه.

أقوى مقولاته وأشهرها

“يا أيها الشباب.. أنتم القوة وأنتم المستقبل وأنتم حياة الأمة.. بالجهاد عزنا وبالقتال عزنا وبالاستشهاد عزنا، أما الاستسلام فهو طريق الذل والهوان.. هو طريق الخزي والعار.. بارك الله فيكم وبجهودكم وتضحياتكم”.

“إسرائيل قامت على الظلم والاغتصاب، وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار”

“أنا إنسان عشت حياتي.. أملي واحد (أملي أن يرضى الله عني) ورضاه لا يكتسب إلا بطاعته، وطاعة الله تتمثل في الجهاد”.

“أن أحب الحياة جداً.. لكنني أرفض الذل والخنوع والعدوان على نفسي”.

“هذا هو موقفي إن شاء الله.. سأبقى مجاهدا إن شاء الله حتى يتحرر وطني لأني لا أخشى الموت”.

“أنا كرست حياتي للعمل وليس للكتابة.. فإن تعلمت آية أو حديثا قمت وعلمته للناس”.

“والله لو جاءتنا السلطة على طبق من ذهب لرفسناها بأرجلنا وركلناها.. نحن لا نريد سلطة، نريد حلاً لقضيتنا”.

“النصر قادم والتحرير قادم.. المهم أن نجعل مع دعائنا شيئا من العمل لدعم شعب فلسطين”.

“إن مظاهرة تساند فلسطين في القاهرة.. تساوي عندنا عملية فدائية في تل أبيب”

قالوا عن الشيخ ياسين

الشيخ ياسين عقل حديدي فوق جسد صامت/علي الخشيبان

رجل تعدت حكمته حدود جسده / أميمة أحمد الجلاهمة

عزاؤنا في زعاماتنا الأموات الأحياء / عبد الباري عطوان