منوعات

ستيني يجول المغرب بدراجة هوائية

يوسف أوزيزي

الحاج محمد مطهور، يبلغ من العمر 64 سنة، لكنه يحمل روحا مكنته من اتخاذ الدراجة الهوائية صديقة تجوب معه المغرب بطوله وعرضه.

بدأت رحلة الرجل الستيني مع الدراجة الهوائية منذ 16 سنة، وذلك بعد تأثره وإعجابه بالصور التي التقطها ابنه في إحدى الرحلات مع أصدقائه، لينطلق بعد ذلك في ممارسه الهواية التي سوف تتحول تدريجيا إلى عشق يدفعه للمخاطرة بحياته في كثير من الأحيان.

بعد أن جاب الحاج محمد جنبات مدينة مكناس التي يقطن بها، انتقل إلى المسافات المتوسطة وأصبح خبيرا بالطرق والمنعرجات وحتى المناظر الجميلة.

اليوم أصبح معتادا على زيارة كل المناطق القريبة ابتداء من مولاي ادريس زرهون ثم فاس إلى إفران وغابات الاطلس المتوسط، شيئا فشيئا تطور الحلم وازداد الشغف لينجز السنة الماضية أطول رحلة فوق دراجته الهوائية وهي التي ربطت ين مكناس والأقاليم الجنوبية وتحديدا مدينة الداخلة.

طقوس الترحال

تنطلق رحلته بعد صلاة الصبح التي يعتبرها حصنه الحصين، وتنتهي قبيل انقطاع ضوء الشمس، ليبدأ رحلته اليومية في البحث عن ملجأ يأوي إليه، أو قد يكتفي بنصب خيمته في العراء حيث يقضي ليلته وحيدا يفترش الأرض ويلتحف السماء.

في كل رحلة يحمل حقيبة الظهر التي تنغلق بصعوبة، ثم يمتطي الدراجة بافتخار كما لو امتطى صهوة حصان، وينطلق في صراعه مع المجهول، وإذا سألته عن الخوف سيجيبك بثقة لو وزعت على الشباب المتفاخر بجسمه ونباهته لكفتهم، تقرأ البشر في تقاسيم وجهه وينبس بكل بساطة أن أمله دائما متعلق في رعاية الله الواحد والأمن الذي يعم البلاد.

في طريقه بين مدن و قرى المغرب المختلفة يجول الحاج على المساجد ويحلو له زيارة دور الشباب و بعض الجمعيات، يلتقي الناس و يشاركهم مأكلهم ومشربهم ليرجع في كل مرة وهو يحكي عن كرم الفقراء في استقباله ولا يتردد في انتقاد الجشع وعدم الثقة عند بعض الميسورين .

من أصعب الليالي – كما يحكي الحاج – هي تلك التي حبسه فيها الريح الشديد من دخول منطقة “تاندرارا”، قبل أن تجتمع عليه “الابتلاءات” كما يحلو له أن يعبر، حيث اشتد عليه البرد القارس والجوع، وتكتمل القصة بانقضاء زاده من الماء ليعيش ليلة أقرب إلى الأفلام الهوليودية !

التقيناه بداية الشهر وهو يستعد للتحدي القادم في 27 من مارس حيث سيخوض غمار رحلة من مكناس إلى دكار، فسألته عن الرسالة التي يريد إيصالها فأجاب مبتهجا : “بعد التقاعد لم أرد أن يكون مصيري مشتتا بين المقاهي ورياضة التبركيك”، مضيفا أنه توجه ليقضي كل وقته إما مرتحلا على الدراجة أو بين جنبات رابطة مجودي القرآن الكريم بالعاصمة الإسماعلية، حيث يواظب على تعلم كتاب الله، و يريد بذلك أن يبعث رسالة لكل المتقاعدين بأن يشغلوا أوقاتهم و لا يستسلموا للنسيان !