وجهة نظر

حكايتي مع “ايتيم بير سان”

في أوائل دجنبر 2015 التقيت بقيادات نقابية تركية على هامش مؤتمر الكونفدالية الوطنية للشغيلة الموريتانية بنواكشوط، ممثلة في السيدين علي يلتشين رئيس نقابتي ماور سان المركزية وايتيم بير سان للتربية والتعليم وزميله في الكفاح محمود أرسلان رئيس نقابة حق ايش للعمال ، وهما نقابتان متآخيتان كما عرفت لاحقا،وبحكم انتمائي لقطاع التربية والتعليم تبادلت أطراف الحديث وناقشت مع السيدين علي ومحمود أمورا عديدة تتعلق بالتربية والتعليم وبملفلت وقضايا أخرى في البلدان العربية والاسلامية، خصوصا في ظل التقارير التي تصنف أغلب هذه الدول في الصفحات السوداء،حيث انتشار الأمية وتشغيل الأطفال بعد مغادرتهم للمدارس،علي يلتشين رئيس نقابة ايتيم بير سان تحدث لنا عن دور نقابتهم في تركيا التنموي وفي الحد من ظاهرة تشغيل الاطفال ودعم النقابة القوي عبر تنظيم قوافل مساعدات واخرى طبية للمحتاجين سواء في سوريا او دول أخرى،وكذا دور النقابة في مساعدة ضحايا الزلازل التي ضربت تركيا في السنوات المنصرمة،ناهيك عن أنشطة أخرى كتنظيم بحوث دراسية وإعداد تقارير وندوات دولية ووطنية وغيرها،وذلك بعد أن أخبرنا أن نقابة التعليم بتركيا تضم قرابة 400000 منخرط،فيما تحاول مركزيتها النقابية مأمور سان الوصول الى مليون منخرط في الوظيفة العمومية.

حينما سمعت هذا الكلام، ومثله من ز محمود أرسلان رئيس نقابة حق ايش والذي لمست من كلامه هو الاخر حرقته على وضعية المسلمين والعرب في باقي البلدان ودور قوى الاستكبار العالمي في محاصرة ومحاربة الدول الساعية الى الحرية والانعتاق،حينما استمعت للرجلين الفاضليين أصبت بمغاص شديد طبعا بعد مقارنة وضعنا النقابي سواء في قطاع التربية والتعليم او حتى في المركزيات النقابية،وضع أكيد أنه صعب وفي حاجة الى مراجعة والاستفادة من إخواننا الاتراك والذين بالمناسبة صادقوا على قانون النقابات عام 2001 أي بعد سنة من تولي اردوغان رئاسة الوزراء.

لكن الدرس الحقيقي لي ولغيري من النقابيين الذين حضورا الملتقى العاشر لنقابة ايتيم بير سان في أنطاليا والذي يصادف الذكرى 24 لتأسيس النقابة من طرف شاعر القدس محمد عاكف عنان،هو الذي عشناه مع الاتراك حيث تم تنظيم الملتقى في أكبر فنادق تركيا بأنطاليا بحضور ثلاثة آلاف مناضل منهم أزيد من 200 من الحضور نساء،واللواتي خصص لهن المنظمون جناحا خاصا ومنهن المحتجبة وغير المحتجبة لأن ما يهم هو الاقتناع بمبادئ النقابة ،وقد ساد طيلة أشغال الملتقى جو طبع روح التعاون والانضباط،ومناقشة العديد من المواضيع ذات صبغة اجتماعية وتنظيمية والعلاقة مع الوزارة ناهيك عن تنظيم مسابقة في الفيلم القصير شارك فيها عدد كبير من رجال ونساء التعليم وقد تم تكريم الفائزين من طرف نائب رئيس الوزراء التركي وقيادات أخرى سياسية ونقابية،فطيلة أيام الملتقى،لا مناوشات، ولا صدامات، ولا اصطفافات، بل الكل جاء فعلا لفعاليات الملتقى وعليه بالالتزام حتى آخر فقرة.

أيضا، رغم التقائي بالسيد علي يلتشين، إلا أنني لم أعرف حقيقة الرجل إلا حينما دخل قاعة العروض وحضي باستقبال حار وصادق من ذرف مناضليه رحالا ونساء وألقى كلمة قوية جامعة وشاملة،كلمة يظهر الصدق مزلزلا منها كما أن للرجل طموحا قويا في لم شمل شتات الحركة النقابية التعليمية من مختلف دول العالم على أساس أن تكون نقابات حقيقة تنشر العدل والحرية، وتساهم في نجاحات الأمة دون إقصاء ولا تحيز كما تفعل العديد من النقابات التي تسمى نفسها ب”العتيدة” وما هي عتيدة،سواء في بلداننا العربية او حتى باقي دول المعمور حيث يهيمن اليسار على أغلب المنظمات النقابية الدولية،فهل تتحقق أمنية أيلتشين،هذا ما ستريه لنا الايام، علما أن أول الغيث قطرة،والقطرة انطلقت مع توقيع نقابة ايتيم بير سان اتفاقيات مع النقابات الحاضرة في الملتقى علما أنها وقعت قبل ملتقاها العاشر مع نقابات من دول السينغال وماليزيا وموريطنايا والمغرب حيث كان لي شرف التوقيع على الاتفاقية نيابة عن أخواتي وإخواني في نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بمعية نائب رئيس النقابة والمسؤول التنظيمي الزميل رمضان تشيكارجي، وهي الاتفاقية التي توجت بزيارتنا لايتيم بير سان وزيارة وفد من مامور سان للمؤتمر الوطني السادس لمنظمتنا النقابية الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب المنعقد أواخر دجنبر المنصرم حيث كان أول نشاط رسمي للامين العام المنتخب على رأس الاتحاد ذ عبدالاله الخلوطي هو توقيع اتفاقية شراكة وتعاون مع مامور سان في شخص نائب الرئيس ذ محمد أمين.