وجهة نظر

مامدى وعي احتجاجات شباب مدينة تنجداد؟

تنطلق فرضية هذا النص الذي أقدمه للقارئ – التنجدادي بشكل خاص وغيره بشكل عام- من تساؤل مشروع هو :هل تستند نضالات شباب مدينة تنجداد التي يعرفها الشارع التنجدادي اليوم إلى رصيد كافي من الوعي المحدث للفعل المؤهل لبلوغ التغيير المنشود في المنطقة أم لا؟

لا نختلف إن قلنا بداية أن المثقف الذي لا يترجم فكره إلى فعل لا يستحق لقب مثقف، وانطلاقا من جانب الثقافة هذا باعتبار أن المثقف هو الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، نستطيع أن نقول أن المثقف الذي يترجم فكره إلى فعل؛ هو الذي يمتلك من خلال فكره القدرةَ على تطوير المجتمع، ومن خلال فعله تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية.

فلاحرج إذا أن نقول أن خروج الشباب للإحتجاج والمطالبة بما سطروه في ملف مطلبي عنوانه الجامع “تغيير أوضاع المنطقة -بشكل عام -نحو الأفضل” هو -في ظاهره-تعبير عن ثقافة احتجاجية تستند إلى ماعرفته و-لازالت تعرفه- دول ثورات الربيع الديمقراطي؛حيث الشباب خرج للمطالبة بما عجز عن المطالبة به من سبقوه بسبب قهر النخب الحاكمة واستبدادها لهم،وإذا كان الأمر هكذا ففعل الشباب التنجداد الاحتجاجي- اليوم – يتوفر فيه” ثقافيا” مايكفيه ليكون في نظرنا فعلا مطمئنا،ولكن السؤال هو: هل يحصل نفس الشيء “سياسيا”ليكون في مستوى التطلعات؟

لاشك أن السياسة غير الثقافة، وإن كان بينهما من الاتصال ما لا يخفى، ولذلك نرى أن معرفة حجم حضور الوعي السياسي في هذه الاحتجاجات أمر مطلوب،وفي هذا الصدد أقول أن إحساس شباب تنجداد بضعف النخب السياسية المسيرة لأوضاع المنطقة، و عدم قدرتها على تحقيق فعل سياسي حقيقي، خلق شرخا عميقا بين هذه النخب و بين الجماهير التي هي مصدر للشرعية السياسية، هذا الشرخ هو الذي دفع الشباب التنجدادي و الشعوب في الدول العربية عموما إلى البحث عن سياسة بديلة، لا تحتاج إلى وساطة نخبة سياسية عاجزة ومهتمة فقط بضمان مصالحها سواء الحزبية الفئوية أو الفردية. فالخروج إلى الشارع و إلى الساحة العامة للاحتجاج المباشر ضد الفساد وللمطالبة بالتغيير أصبح بديلا سياسيا يتجاوز النموذج الفاسد للنخب السياسية في علاقتها بالجماهير.

طبعا لايمكن بعد هذا الكلام إلا أن نقول أن احتجاجات شباب مدينة تنجداد تتوفر فيها مواصفات الوعي الكفيلة بإحداث التغيير المنشود في المنطقة،ولم يبقى إذا إلا أن نثمن فعلهم الاحتجاجي الراقي هذا وننادي باحتضانه جماهيريا مع تقويمه كلما عرض له عارض قد يحرف سيره إلى غير مانرجوه منه، وأملنا في ذلك كله خير هذه البلاد التي تستحق الأفضل.