وجهة نظر

لا بديل عن هزم الإرهاب

مرة أخرى، ضرب الإرهاب بعنف، أربعة دول إسلامية، هي العراق وتركيا واندونيسيا وبوركينا فاسو. وأسفرت الهجمات على عدد كبير جدا من الضحايا، بين قتيل وجريح.

ومرة أخرى، أعلن تضامني مع الدول والشعوب التي ضربها هؤلاء الهمج، وأرفع صوتي مدينا ومنددا بهذا الإرهاب الذي قتل أشخاصا لا ذنب لهم، سوى أنهم تواجدوا في لحظة غير مناسبة وفي المكان غير المناسب. هذه الهجمات الغارقة في التوحش والعدوانية، كانت بمثابة تأكيد لما حدث في باريس وتونس من قبل: تغيير ملموس في تكتيكات الإرهاب العبر قاري متمثلا في داعش والقاعدة – من دون المساس بأهدافهما الإستراتيجية – من خلال نقل الصراع من بؤر التوتر في العراق وسوريا وأفغانستان وليبيا واليمن، أي من الدول التي تصنف من طرف هؤلاء الإرهابيين كساحات رئيسية مرشحة للسقوط في أيديهم إلى ساحات جديدة غير رئيسية (كما يصنفها منظرو تنظيمي وداعش القاعدة).

هذا التحول، لا بد أن يستدعينا كمغاربة، إلى المزيد من اليقظة والحذر. فبلادنا ليست في مأمن باعتبار التهديدات التي ما فتئ هذان التنظيمان يطلقانها ضدها، خصوصا مع ازدياد قلق هذا الإرهاب من التحالفات الدولية الهادفة إلى محاربته وإنزال الهزيمة بمشروعه.
نعم، يريد هذا الإرهاب اليوم، إنهاك أعدائه ما أمكن، بعيدا عن بؤر التوتر الرئيسية، عن طريق مجموعات وخلايا منفصلة في كل مناطق العالم الإسلامي -الرئيسية وغير الرئيسية- وحتى الدول التي بها جاليات إسلامية معتبرة، لإشغال هذه الساحات وتشتيت جهودها واستنزافها ومنعها من التنسيق في ما بينها في الحرب على الإرهاب.

ويرى منظرو داعش والقاعدة، أنه إذا ضرب، مثلا، منتجع سياحي يرتاده الأوربيون في أندونيسيا أو تركيا، سيتم تأمين جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم، بما يشمل ذلك من شغل قوات إضافية أضعاف الوضع العادي وزيادة كبيرة في الإنفاق. وإذا ضرب بنك غربي في تونس أو في تركيا، سيتم تأمين جميع البنوك التابعة للغربيين في جميع البلاد ويزداد الاستنزاف، وإذا ضربت مصلحة بترولية بالقرب من ميناء عدن، ستوجه الحراسات المكثفة إلى كل شركات البترول وناقلاتها وخطوط أنابيبها لحمايتها وزيادة الاستنزاف، وإذا تمت تصفية اثنين من الكتاب المتهمين من طرف الإرهابيين بالردة، في عملية متزامنة ببلدين مختلفين، فسيستوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتاب في مختلف بلدان العالم الإسلامي..

نحن إذن، أمام تحولات تكتيكية لإرهاب عبر قاري، لا بد من مواجهتها بمزيد من التنسيق بين دول المعمور المطالبة اليوم بتنويع تكتيكاتها، بين حماية ودعم أمن الدول المستهدفة، أي تلك الساحات التي يعتبرها هذا الإرهاب غير رئيسية من جهة وهزم الإرهاب القاعدي / الداعشي في الساحات التي يعتبرها رئيسية، وهناك بديل عن هزم المشروع الإرهابي بمختلف تلاوينه وعناوينه.

ــــــــ

المصطفى المعتصم / الأمين العام للبديل الحضاري