وجهة نظر

صناعة الكذب: توجيه وتضليل الرأي العام !

هناك من يسترزق بالدماء الطاهرة للطلبة الأساتذة، لتضليل الرأي العام ونشر الأكاذيب والشائعات وفبركة التصريحات المغلوطة، حتى وصلت وقاحة البعض نشر أخبار زائفة عن مقتل محتجين!… وكلها أراجيف لا تساهم إلا في تقويض معركة عادلة.
أثناء اطلالي هذه الأيام على جرائد إلكترونية مختلفة وجدت أن أغلبها يُحمل البيجيدي مسؤولية هذا الجرم عبر نشر مقالات صحفية، وكاريكاتير، وفيديوهات، وتصريحات متجزئة من سياقها…)، دون غيره من مكونات الحكومة أو من مكونات الجهاز التنفيذي المختلفة.
نهج ليس بالجديد عند بعض وسائل الإعلام في كل الأحداث المماثلة السالفة، نستحضر مثلا حملتهم الهوجاء المعارضة لمشروع إصلاح صندوق المقاصة، في حين آثرت تلك المنابر نفسها –ومعها بعض التوجهات السياسية- الصمت بعد هبوط أسعار البنزين بل منهم من باشر دعاية إعلامية مضادة ترجع الانخفاض للظروف المناخية والدولية!!!! وترجع ارتفاع معدلات النمو للأمطار والظروف الطبيعية! تلزم وسائل الإعلام هاته الصمت عن إصلاحات اجتماعية عميقة بل ويستهينون بها مثلا في ملف دعم الأرامل وخفض أثمنة الأدوية ودعم الطلبة (رغم أن الأصل تثمين هذه الإصلاحات وغيرها والمطالبة بالمزيد)…
تابعنا جهود هذه اللوبيات مثلا في حملة شيطنة إصلاح قطاع الإعلام وفرملته، التشويش على اصلاح منظومة العدالة، عرقلة اخراج قانون الحصول على المعلومة إلى اليوم، محاولة فرض لغة الاستعمار الفرنسي في مناهجنا الدراسية وتهريب ملف التعليم لمجلس صوري…واليوم يتهمون الحكومة بقمع الأساتذة رغم التصريحات المتكررة لأعضائها بنفيهم اعطاء أوامر بذلك؟؟ وهذا يعني وجود طرف فاعل يراد التغطية على أفعاله في المقابل استغلال الحدث لتغليط الرأي العام !
في السياق ذاته ولاستيعاب دور البروباغاندا الإعلامية في تضليل الرأي العام، نلاحظ أنه مثلا في كل مرة يتم تفكيك خلية إرهابية ينسب الأمر للأجهزة الأمنية في حين تنسب التدخلات العنيفة والكوارث للحكومة وفقط؟!
علاقات متشابكة تربط مدراء كثير من مقاولات الإعلام ومالكيها، بجماعات الضغط المختلفة (أصحاب النفوذ والمصالح والقرار)، لعل أبرزها في حالتنا المغربية، قضية “أموال الإشهار الموجه” التي تعد موردا أساسا لرؤساء المؤسسات الإعلامية، يسعى الكل جاهدا لأخد نصيبه منه، وإلا فإن مقاولته الصحفية يتهددها الإفلاس! ويُدفع المال بسخاء للتأثير على توجهات وسائل الإعلام –دون تعميم- وجعل خطها التحريري متماهيا مع رغبات وتوجهات لوبيات المصالح وجماعات الضغط.
حاولت البحث في موضوع طرق اشتغال جماعات الضغط للحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية وكذا دور وسائل في صناعة الرأي العام، فاطلعت على دراسة قيمة حول الموضوع، تناقش تأثير مجموعات الضغط والمصالح (اللوبيات) ودورها التحكمي مثلا في النموذج الدمقراطي الفرنسي، موجودة في النت تحت عنوان:
Lobbying : l’influence des groupes d’intérêt s’accroît, et favorise une transformation de notre modèle démocratique.
كما اطلعت على أجزاء واسعة من دراسة (مؤلف لكاتبين فرنسيين):
L’industrie du mensonge: Lobbying, communication, publicité et médias.
وكما أن الغرب سبقنا في تفريخ جماعات الضغط والمصالح هذه، فكذلك سبقنا سنوات ضوئية في دراستها وتتبعها وتفكيك بنياتها حتى أنك تخال أن هذه الجماعات تلعب تحت أضواء كاشفة، ليقتنع من أراد بخطابها ويصد عنها من أراد!
ـ
في الحالة المغربية يجب أن لا ننسى أو نتناسى أن تجربة التناوب الدمقراطي ووجهت من اللوبيات نفسها وجماعات الضغط ذاتها، تجربة خرجت منها هذه الإحزاب ضعيفة وممزقة ومترهلة بفعل السنوات الطوال من التقزيم والتحجيم والتدجين…
ولاشك أنهم يحاولون جاهدين إعادة السيناريو نفسه. قد لا يفكرون بالضرورة الاقتداء بالنموذج الدموي المصري، لكن أكيد سيخطر ببالهم تونسة الحالة المغربية، فحملات تشويه وشيطنة قوى التقدم والإصلاح الدمقراطي انطلقت من زمان -حتى قبل زمن الربيع- بوسائل وأدوات متعددة، أكيد أنها لم تؤتي كل أكلها في 4 شتنبر 2015 في التحجيم والتقزيم، لكنها في اعتقادهم أن ضوعفت جرعاتها (أي الشيطنة بكل الوسائل المتاحة) فسيصلون إلى ما يتوهمونه من نتائج! أو على الأقل وفي أسوء الحالات فرملة عجلات تيار الإصلاح والتقدم الدمقراطي…!