وجهة نظر

عقدة المسلمين عند الغرب

حقيقة لا بد من الإعتراف بها أحببنا أم كرهنا ، إن معظم المسلمين الذين يعيشون في دول الغرب يعيشون نوع من التهميش و الإقصاء ، هذا إن لم نقل العنصرية و العبودية في بعض الدول الأوروبية ، وكلما حدث عمل إرهابي إلا واشتد الخناق على المسلمين ، و أصبح المسلم هو المتهم الأول ، مما يجعل بعض العنصريين و المتعصبين الذين لهم عقدة مع الإسلام فرصة ذهبية من أجل الإنتقام من المسلمين ، مثلا في أمريكا عندما وقعت الأحداث الإرهابية في فرنسا، وزع بعض المتعصبين منشور تحقيري و عدائي للمسلمين في مدينة منهاتن بولاية نيويورك ، عنوانه camels in the tent و يدور هذا المنشور حول موضوع عنصري ينال من المسلمين ، حيث ذهبوا إلى القول بأن المسلم عندما يأتي لبلادهم يكون فقيرا و متخلفا ، و بعد ذلك يتسلل ليستولي على كل شيئ ، كما صوروا الكعبة و فوقها شيطان والمسلمون يطوفون عليها ، وَمِمَّا يقولون أيضا أن الإسلام جاء بالسيف إلى غير ذلك من الدعاوى الباطلة .

لا أكشف سرا إن قلت لكم أن الإنسان المسلم في دول الغرب يعيش دائما الاستثناء في حياته اليومية ، و يعاني من الغربة الإجتماعية و النفسية ، و كثرة الإستفزازات من قبل العنصريين ، و أذكر لكم مثال أخر يعكس النظرة العدائية للمسلم في بلاد العم سام ، و تبعية تهمة الإرهاب تبقى لصيقة به ، يحكي أحد المهاجرين إسمه (محمد) و يشتغل في في أحد المطاعم الأمريكية للوجبات السريعة ، ذات يوم قدم إليه زبون أمريكي من أجل شراء( سندويش) ، فبعد ما أحضره له ، قال له الزبون أعرف انك مسلم فحذاري أن تضع في أكلي قنبلة تقتلني ، و يحكي مهاجر آخر من الجالية الفلسطنية و يشتغل سائقا للطاكسي ، أن زبونة يهودية ركبت معه في السيارة ، و قالت له في البداية أن يأخذها إلى البيت من أجل أن تحضر أغراضا تخصها ، ثم يرجعها في نفس الوقت للعمل ، و هما في الطريق يتكلمان في مواضع عامة سألته ما إسم بلدك ؟ فأجبها من فلسطين ، و كأنها أصيبت بصعقة كهربائية ، ثم قلت له بعد ما و صلت قرب بيتها لو سمحت إذهب فإني سأتأخر ، وَمِمَّا قال هذا الفلسطيني أن زبونته اليهودية ذهبت وهي تنظر إليه في توجس ، و كأنه مجرم يريد أن يفعل بها مكروه.

هذه بعض الأمثلة لما يعانيه المهاجر المسلم في دول الغرب ، على العموم فقد تكون معاناة مسلمي أمريكا أخف ضرارا من مسلمي أروبا قلب العنصرية المقيتة ، فَلَو سألنا مهاجري فرنسا من المسلمين لقالوا إن حالنا اليوم كما كان عليه المسلمون أثناء حصار قريش لهم ، لأن سلطات الغرب تمارس عليهم جميع أنواع العذاب النفسي و المادي ، و كل هذا بسبب تهمة لا علاقة لهم بها و لا وجود لها في دين الإسلام . لذلك فعندما يحدث أي عمل إرهابي محلي أو في أي منطقة من دول العالم المتقدم ، يكون المسلمون العرب أول المتهمين في الحدث ، فعلى الرغم من التصريحات التي يقدمها قادة الغرب حول الحوار مع العالم الإسلامي ، فإن الواقع يعكس زيف الشعارات التي تنادي بها إدارة الغرب ، فمن ينظر فإعلامهم يجد حربا ضروسا ضد المسلمين ، أو ما أصبح يعرف بالإسلاموفوبيا ، حيث يضعون هذا الوصف في مقدمة عناوين صحفهم بخط عريض يقرأه الأعمى.

فمعنى أن تكون مسلما في الغرب عليك أن تتحمل النّبال الموجهة إليك في دينك ، فبعد أحداث باريس تجدد العداء للمسلمين من جديد ، فهذا المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية (دونالد ترامب) أصر على عدم إستقبال اللاجئين السوريين فقال : ببساطة شديدة لا يمكننا أن نأخذهم و لا يمكن أن نأخذهم ، و أما (بن كارسون ) فقد قال في حوار تلفزي : أريد أن تكون هناك قاعدة بيانات للجميع ، أريد أن نعرف كل شيئ عن من يأتي إلى هذا البلد . وقال هذا الكلام عندما قارن بعض اللاجئين بالكلاب المسعورة فقال : إذا كان هناك كلب مصاب بداء يركض في منطقتكم ، لن تستطيعوا ان تحبوا ذاك الكلب ، و لكن هذا لا يعني أنكم تكرهون جميع الكلاب .

و أما (تيد كروز) فقد إقترح إدخال السوريين المسيحين فقط ، و هنا تلاحظ أخي القارئ الإقصائية التي يعاني منها المسلم ، فمثل هذه الخطابات العنصرية و الإقصائية هي ما يجعل المسلمين يعيشون في الهامش و يعطي للعالم نماذج مخربة و متطرفة ، لأن العنف لا يلد إلا العنف ماديا كان أو معنويا ، و إذا لم يكن الحوار المتكافأ و الاعتراف المتبادل بين الثقافات و الأديان لا يمكن أن نتحدث عن سلم إجتماعي ، و مما تقوم به الدولة من أجل مراقبة الجالية المسلمة كما ذكر موقع ( هافينجتون بوست ) الإخباري ، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يعد موقعا إلكترونيا ، الهدف منه مساعدة المدرسين الأمريكيين في الكشف عن حالات التطرف الفكري المحتملة بين الطلاب المسلمين ، ونفس العملية قامت بها أستراليا ليلعب المدرس دور المخبر .

فأمام هذا الوضع الصعب يتعين على الحكومات العربية أن تضاعف جهودها من أجل تكوين الجالية المسلمة على وسطية الدين و إعتداله ، و إعادة النظر في بعض الوعاظ و الخطباء الذين يتولون مهمة الكلام بإسم الدين في خطبهم ودروسهم، و لنعلم جميعا أن الإسلام بريئ مما نسب إليه ، و انه دين الرحمة لكافة الناس ، و ينبذ كل أشكال التطرف المادية  المعنوية.