اقتصاد

مجلس بركة يفضح اختلالات التدبير المفوض بالمغرب

كشف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول التدبير المفوض للمرافق العمومية، عن وجود مجموعة من الاختلالات في مجال التدبير المفوض بالمغرب.

وأظهر التقرير الحديث الذي قدم تشخيصا لأهم هذه الاختلالات، عن وجود قصور ونقائص من طرف الشركات المفوض إليها في تنفيذ العقود، لاسيما بسببِ عدم احترام دفتر التحملات، فالمفوض إليهم لا يحترمون التزاماتهم، بكيفية التقائية، في مجالِ إنجاز الاستثمارات، مثلما لا يحترمون واجباتهم المتمثّلة في توفير مرفق عمومي.

اختلالات في مجال التوزيع

أبرز التقرير الذي يتوفر “العمق المغربي” على نسخة منه، أن مجال التوزيع يعرف اختلالات ذات صِلة بتدبير صناديق الأشغال والتي تتجلى في استعمال هذه الصناديق لأغراض لا تتناسب مع موضوعها. ومن بين هذه الاختلالات أن المساهمات التي تقوم بتحصيلها الشركات المفوض إليها، لا تودع  كلها في صندوق الأشغال دائما بالإضافة إلى أن إيداع الأموال غالبا ما يتم بنوع منَ التأخير بالمقارنة مع الآجال التعاقدية.

المصالح المكلفة بالمراقبة لا تمارس مهامها

وأشار المجلس في التقرير ذاته، إلا أن لجنة التتبع لا تمارس الصلاحيات المخوَّلَة لها على الوجه الأكملِ، ولا سيما فيما يتعلق بفحصِ مشاريع الصفقات والعقود والاتفاقيات التي يتعين توقيعها، بصورة مُباشرة أو غير مباشرة، بين المجموعة المراقِبة والشركة المفوَض إليها.

كما أن المصالح المراقبة، التي يحدِثها المفوّض، لا تتوفر على الموارد البَشرية والمادية اللازمة التي تسمح لها بأداء دورها على الوجه الأكمل، مشيرا إلى أن المصلحة الدائمة للمراقبة، التي تتولى مهام المراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية، وتدبير المرافق المفوَضة الموكولة إليها من طرف السلطة المفوضة ولحسابها، بدورها ليست مستقلة الاستقلال التام عن المفوض إليه.

قصور على صعيد التخطيط

وأوضح التقرير ذاته، أن نموذج التدبير المفوض، يعاني من قصور كبير على صعيد التخطيط والتعبير عن الحاجيات من طرف السلطات المفوِضة، كما يعاني من قصور على مستوى الجماعات الترابية، التي لا تتوفر على ما يكفي من الكفاءات المؤهلة القادرة على تطبيق الالتزامات الواردة في عقْد التدبير المفوض.

وأضاف التقرير، أن هناك  قصور على مستوى التماسك والإدماج الجهوي أيضا، فالسلطات المفوضة، فضلا عن الممارسة المحدودة لصلاحياتها المؤسساتية والتعاقدية، لا تحترم دائما التزاماتها، ولا سيما على مستوى آجال تسديد ديونها، وتعبئة العقار اللازم لتحقيق الاستثمارات.

وأفاد التقرير، أن النموذج الاقتصادي لتفويض المرفق العمومي للماء والكهرباء، تؤثر فيه العلاقة الداخلية التي تربط استهلاك المورد بالأرباح التي يحققها المفوض إليهم، وتحجب الجانبَ المتعلق باستدامة المورد، فيصبح من الضروري جعل التدبير المفوض رافعة للتحكم في المورد، وذلكَ بالاستفادة من التكنولوجيات التي يستقدمها المفوض إليهم للتحكم في الطلبِ.

توصيات المجلس لتجاوز الاختلالات

خرج التقرير الذي قام به المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بمجموعة من التوصيات، حيث أوصى بضرورة توفر الجماعات الترابية وتجمعاتها على حرية اختيار صيغة التدبير الملائم لها من أجل استغلال مرافقها العمومية، وذلك في سياق المبادئ الكبرى الرئيسية المؤطرة للمرافق العمومية، والتي تتمثل في استمرارية المرفق والمساواة والإنصاف الجودة والسلامة وكذا البيئة وضمان حقوق المستهلكين والمرتفقين والتتبع والتقييم.

كما أوصى المجلس، في التقرير ذاته، بإنجاز دراسات قبلية حول صيغة تدبير المرفق العمومي، عبر اختيار الصيغة الأنسب من بين التدبير المباشر، والوكالة المباشرة التي يتم تدبيرها بكيفية مستقلة، وذلك بالقيام بتحليل يتعلق بالصيغة الأنسب من بين صيغ التدبير المفوض للمرفق العمومي والتي تشمل عقد الامتياز وعقد الإيجار وعقود التدبير والخدمة. يقول التقرير ذاته.

ومن جهة أخرى، أكد التقرير على ضرورة الحرص على إعداد عقود شاملة ودقيقة لعقود التدبير المفوض، وعلى احترام الآجال المتعلقة بمراجعتها وتفعيل هيئات تتبع ومراقبة عقود التدبير المفوض.

 تشديد على ضرورة شرح الأسعار للمستهلكين

وشدد التقرير على أهمية تمكين المستهلكين والزبناء من توضيح وشرح الأسعار وطريقة احتسابِ الفواتير خدمات الولُوج واستهلاك الماء والكهرباء والتطهير السائل، مشيرا إلى ضرورة إحداث مرصد للتدبير المفوض، في إطار الهيئة المركزية المكلفة بالصفقات العمومية، الواردة ضمن توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره حول الصفقات العمومية لسنة 2012.

كما شدد على ضرورة العمل على توعية المواطنين وتحسيس المرتفقين بالمسؤولية إزاءَ استخدام الموارد وتحقيق اقتصاد فعلي في هذا الشأن (بالحد من ضياع الماء داخل الشبكة، والحد من استخدام الكهرباء، وإعادة تدويرالنفايات).

يذكر أنه تم مساء أمس الخميس تقديم عرض حول التدبير المفوض للمرافق العمومية، بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالرباط، حيث أكد المشاركون أنه تم عقد أزبد من 20 جلسة إنصات بالإضافة إلى تنظيم أيام دراسية، شاركت فيها المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية بالإضافة إلى شركات التدبير المفوض، وذلك للقيام بدراسة شاملة للموضوع، والتي جاءت بطلب من رئيس مجلس النواب، حيث أحال الطلب على المجلس في 15 أبريل الماضي.