سياسة

المرزوقي: اتجاه أممي نحو استراتيجية جديدة في ملف الصحراء

الصمت يخيم على زيارة روس للمنطقة

باستثاء “ضجة” الأحد الماضي التي أصرت الجزائر على افتعالها لإرادتها في توجيه رسالة إلى المبعوث الأممي للصحراء كريستوفر روس، وإلى المغرب كذلك، قبل أن يحل بيوم واحد بالعاصمة الجزائرية، حيث كان الرئيس الجزائري قد استقبل زعيم جمهورية الوهم عبد العزيز المراكشي رفقة قيادات عسكرية جزائرية، ليجدد دعم الجزائر للانفصاليين، فإن الصمت ظل مخيما على أجواء الزيارة.

من الجزائر كانت بداية جولة روس يوم الإثنين، استقبل خلالها من قبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ولا يعرف إن كان بوتفليقة قادرا حينها على التحدث، ومن كان يتحدث باسم الرئيس؟ !…

صمت آخر خيم على زيارة روس الحالية للرباط، التي اقتصرت فقط  حسب مصادر “العمق المغربي” على لقاء وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، وسؤال الجدوى من الزيارة في هذه الأثناء من دون أن تحمل جديدا إلا ما سبق وأن ما أعلنه المغرب خلال الخطاب الملكي الأخير في مدينة العيون حاضرة الصحراء، والذي شكل، بدون شك، مرجعا لمزوار خلال لقائه بروس يوم أمس، ومنها أن روس غير مرغوب فيه في الصحراء، وأنه إن أراد لقاء المسؤولين فسيفعل ذلك في العاصمة الرباط، وهو الأمر الذي أكده من بعد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في وقت سابق.

في هذا السياق يرى أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في وجدة، بنيونس المرزوقي، في زيارة روس إلى المغرب أنها تدخل في إطار محاولة إعطاء دفعة جديدة لملف قضية الصحراء من خلال البحث عن مقترحات بديلة تتجاوز، من جهة الاستفتاء كما تقرؤه الجزائر ومعها جبهة البوليساريو، ومن جهة أخرى مقترح الحكم الذاتي المغربي.

وقال المرزوقي الذي كان يتحدث إلى “العمق المغرب”: “الواضح أن تحريك الملف ضمن هذا الإطار لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الطرف المغربي الذي استطاع إقناع المنتظم الدولي بأهمية الحل السياسي المتفاوض حوله.”

وأوضح أنه إذا كان المغرب قد أبدى صرامة واضحة بخصوص مقترحاته، فإن زيارة روس “لا تعدو أن تكون، هذه المرة، ضمن روتين عمل الأمم المتحدة، وفي نفس الوقت، محاولة لاقتراح بديل ما، يعرف روس مسبقا أن المغرب لن يوافق عليه، وما الصمت الذي يخيم على هذه الزيارة إلا دليلا على عدم رغبة المغرب في تقديم أي تنازل.”

ويقرأ المرزوقي جانبا آخر في زيارة روس الحالي، وهي محاولة المبعوث الأممي فرض تحركه ما بين مدينتي الرباط والعيون التي سبق للمغرب أن أعلن عن عدم رغبته في استقبال هذا المبعوث إلا في عاصمة المملكة وحدها.

وأشار إلى الأمم المتحدة تملك إمكانيات لفرض بعض القرارات على الأطراف المتنازعة من خلال اعتماد استراتيجية جديدة داخل أروقة الأمم المتحدة وليس لمجلس الأمن وحده، من قبيل الجمعية العامة، المجلس الاقتصادي والاجتماعي وخاصة منها لجنة حقوق الإنسان.

ومن موقعه كباحث، يرى المرزوقي أن هذا التوجه، إن كان، “أنه سيكون في صالح المغرب، لأن التوجه العام داخل الجمعيىة العامة للأمم المتحدة بدأ ينحو في اتجاه اعتبار الحكم الذاتي شكلا من أشكال تقرير المصير، وهو ما سيكون في صالح المغرب وسيسرع من عملية إنهاء هذا الملف”.

إلى ذلك، يتحدث مراقبون عن وجود ما يصفونها بـ “مؤشرات” على رغبة المغرب في تحييد روس من ملف الصحراء بالمرة، فروح الخطاب الملكي الأخير تؤكد هذا الطرح بل وتذهب بعيدا إلى حد الـ “الغضب” من مؤسسة الأمم المتحدة، وهو سوء تفاهم يرجعه المغرب أسبابه إلى شخص روس الذي يعتبره المغرب منحازا للطرف الآخر، مثلما وقع في العام 2012 قبل أن تتدخل الأمم المتحدة ومهاتفة بان كي مون للملك محمد السادس، بل منذ ذلك الحين والمغرب لا يعطي لزيارات روس إلى المغرب أهمية تذكر.