وجهة نظر

الجالية الإسلامية في ديار الغرب والدور المطلوب

من أعظم النعم الكبرى على هذا الكون انتشار الإسلام في جميع أنحاء المعمور، و لقد أصبحت الصحوة الإسلامية ظاهرة طبيعية وواقعا ملموسا واضح الدلالة. لهذا بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث صريحة أن هذا الدين الحنيف سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وأن الله عز وجل سيدخله في كل بيت بعز عزيز أو بذل ذليل، وأصبح تواجد المسلمين بالغرب واقعا لا يمكن جحوده أو إنكاره، وظهورهم على الساحة، ووعيهم بضرورة المشاركة الإيجابية في مختلف الميادين، وعدم الإقتصار على المساجد والمراكز الإسلامية، والانزواء فيها بعيدا عن هموم المجتمع وتفاعلاته، وعدم قبول عملية التهميش التي يدبرها أعداء الإسلام، منذ سنوات عدة وموضوع اندماج المسلمين يملأ الساحة الفكرية والسياسية، هذا ما حتم على مسلمي الغرب أن يخرجوا من هذا الغموض، ويسمعوا صوتهم، ويفصحوا عن مساهمتهم في ما فيه خير الصالح العام، ويسعوا جادين لتحقيق التعايش السليم ونبذ نظرية الصراع الحضاري المظلمة، فبعض المسلمين بديار الغرب يعيشون بعقلية المهاجر أو عابر السبيل، بل بعقلية المواطن الذي له حقوق وعليه واجبات، وليس له حضور مسؤول وفعال في محيطه، تجد بعضهم لا يمثل مشروع الإسلام وهذا من معوقات الوعي الجمعي لدى المسلمين في الغرب.

لا بد من الجهد والصبر، لكي يسمع المسلمون كلمتهم إلى غرب مشحون بالكراهية، لكل ما هو من الإسلام، بل تجرأ بعضهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحرقهم لكتاب الله عز وجل، ونعتهم للمسلمين بتهمة الإرهاب والتعصب، وإدانتهم بدون أية محاكمة، أمام هذه الصورة القاتمة التي صورها أعداء الإسلام لا بد من المثابرة والعمل المتواصل لإزالة الغشاوة التي وضعها على الأعين، وترويجه لحملات التحقير العدائي للإسلام. هذه الحملات من شأنها أن تؤدي بالمسلمين إلى الانزواء والعيش على هامش المجتمع أو أن تؤدي بهم إلى التطرف والغلو القائد إلى العداء المفكك.

إن المتأمل في واقع المسلمين بالغرب، سيشعر بالألم وضيق الصدر من ذوبان بعض شباب المسلمين في الثقافة الغربية البعيدة عن روح الإيجابية (تقليد المظاهر)، وتداول بعضهم لعبارات لا تتناسب مع زماننا كعبارة دار الكفر وتبرير المخالفات الشرعية، ويعلقون الإلتزام بالأحكام الشرعية إلى غاية العودة لدار الإسلام، آنذاك يحق لهم الصلاة والصيام، أمام هذا الفكر الثنائي المريض يضيق أفق العمل الإسلامي بالغرب بحيث تلتبس السبل، ويضمحل الفكر ويفتر العمل عند الغيورين ويتعطل البناء.

من وجهة نظري على كل من أراد أن يهاجر بعيدا عن وطنه لابد أن يطلع على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة الباب المتعلق ببعثه للكتب إلى الملوك، أمام هذا النموذج الفريد تتضح لكل مغترب الرؤية، إذا كان له ضمير حاضر من أجل هذا الدين، وليس بالضرورة ان تكون خطيبا بارعا، أو عالما متمكنا، فقط كن مسلما معتدلا ذو أخلاق عالية مع المسلمين وغير المسلمين ، و بهذا تكون تمارس الدعوة الإسلامية، وليكن في علمك أخي المغترب أنك مسؤول أمام الله عزوجل عن حملك لهذا الدين، فغايتك في الحياة هي أن تكون شهيد على الإنسان وفي هذا الصدد يقول الله عزوجل: (لتكونوا شهداء على الناس) الآية، فعندما نعي جسامة المهمة وثقل المسؤولية تهون علينا كل الصعاب، وهذا الفهم لا يتحقق إلا عندما نقبل على القران ونعمل بمقاصده ونصطبغ بصبغة الله عز وجل و نتبع سنة رسول الله.