سياسة

لوموند: القصر يستخدم أخنوش للحد من تقدم الإسلاميين بعد فشل البام

بسترته السوداء، التي يرتديها على قميص أبيض وبابتسامة عريضة، هكذا بدى عزيز أخنوش يوم الأربعاء 11 يناير 2017 في القاعة الكبرى لنادي “بارادايز” إحدى أرقى الأندية الرياضية بالدار البيضاء وسط سيارات “الرونجر روفر” البيضاء والسيارات الألمانية الفاخرة وقربها حيث اصطفت الحافلات التي حملت “المناضلين” من الأحياء الشعبية، والضواحي القروية المحيطة بها.

وعلى المنصة، وأمام صورة عملاقة للملك محمد السادس، “سي عزيز” يعترف أن “نتائج الحزب في الانتخابات الأخيرة مخيبة للآمال”، ولكن التعبئة للخمس سنوات المقبلة ستنطلق من الآن، بحسب قوله.

“متملق محترف” في نظر البعض، و”رجل المرحلة” بالنسبة لآخرين، عزيز أخنوش ذو الـ 56 سنة، أصبح في غضون أشهر قليلة واحدا من أكثر الشخصيات نفوذا في السياسة المغربية…على رأس ثروة كبيرة، ووزيرا للفلاحة والصيد البحر منذ سنة 2007، أصبح هو الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار، الموجود في عمق الأزمة السياسية بالمغرب.

منذ خمسة أشهر ورئيس الحكومة المعين، عبد الإله ابن كيران، غير قادر على تشكيل الحكومة، رغم أن حزبه، حزب العدالة والتنمية الإسلامي، قد تصدر الانتخابات البرلمانية لـ 7 أكتوبر، لكن بـ 125 مقعدا من أصل 395، رغم ذلك فليست لديه الأغلبية، وجميع محاولاته لخلق تحالفات لحد الآن باءت بالفشل.

لقد تم استقدام أخنوش ليضع حوله تحالفا من الأحزاب، لكي يمكنه ذلك التحالف من إنجاز حاجز عال جدا أمام الرئيس بنكيران. وبين السطور يتضح أن خطوات أخنوش المقرب من الملك، ما هي إلا محاولات من القصر للحد من تقدم الإسلاميين الذين تصدروا المشهد السياسي للمرة الثانية بعد الأولى سنة 2011.

سيد “المحروقات”

وبعد ظهوره على واجهة المشهد السياسي، خلق مفاجأة ضخمة للكثيرين، فالرجل معروف بنجاحه في عالم المال والأعمال، ويبدو دائم الابتسامة والسعادة، بعد أن صنع الثروة بناء على شركة والده، الذي كان على رأس مقاولة صغيرة لمحطات الوقود تسمى “أفريقيا”، وبعد الاستقلال، منحت له رخصة توزيع المحروقات، وهي بمثابة جائزة حقيقية كبرى له.

وعمل عزيز أخنوش على تطوير هولدينغ “أكوا” والذي أصبح يضم ستين شركة في مجال الطاقة، والإعلام (يمتلك مجموعة من وسائل الإعلام) والعقارات، وتحقق رقم معاملات سنوية بـ 2.5 مليار، وفقا لمجلة فوربس، وتبلغ ثروته 1.4 مليار أورو، مما جعل منه واحدا من أغنى الشخصيات بالمغرب.

في سنة 2007، عين الملك، عزيز أخنوش، التكنوقراطي من عائلة ثرية، وزيرا للفلاحة، ورغم كونه تكنوقراطيا، فقد تم تنزيله بعد ذلك رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار، وهو ما شكل مفاجأة كبرى في شهر أكتوبر، أسابيع قليلة بعد الاستحقاقات البرلمانية الأخيرة.

في نهاية سنة 2011 كان قد ترك نفس الحزب، – قال إنه جمد فقط عضويته- لأن التجمع الوطني للأحرار رفض أن يكون جزءً من الحكومة الائتلافية لبنكيران، في حين أن أخنوش كان على وشك إعادة تولي حقيبة وزارة الفلاحة.

“طُلب منه أن يذهب”، حسب خبير في النظام السياسي المغربي، إلى حدود الآن، جميع محاولات القصر لمواجهة حزب العدالة والتنمية باءت بالفشل. فحزب الأصالة والمعاصرة الذي يتزعمه الياس العماري، حزب الاعيان، الذي أسسه فؤاد عالي الهمة، صديق ومستشار الملك، لم يفلح في مواجهته إبان الانتخابات الماضية.

“أخنوش جد مرن، وأكثر تهذيبا، وتوافقي من العماري”، ويطمح حزب الأعيان، الذي تراجع إلى 37 مقعدا بعد أن حصل في السابق على 56 مقعدا بالبرلمان، على أن يصبح حزبا ذا قاعدة جماهيرية، لكن المسألة تتعلق بتركيبة الحزب الداخلية، وحركية شبابه ونسائه، لذلك سيعقد مؤتمره في شهر ماي لتحديد التوجه السياسي للحزب.

عزيز أخنوش الذي يمتلك شعبية كبيرة بمسقط رأسه بسوس ماسة، ولد سنة 1961 بتافراوت – التي سيرها بنجاح من 2003 الى 2007-، ومن الصعب تحديد تاريخ معين لبداية قربه من الملك محمد السادس، لكن ذلك أصبح واضحا للعيان حين عينه العاهل المغربي وزيرا للفلاحة، وكان وزيرا يحظى بتقدير كل الوزراء الذين لا يترددون في تثمين كل ما يقوم به.

أخنوش كان حاضرا في جميع الجولات الدبلوماسية التي قام بها الملك إلى إفريقيا، وبعد أن أصبح وزيرا للفلاحة، قام باستشارة مكتب الناصري (محامي الملك) بشكل سري، للتأكد من عدم تضارب مصالحه كرجل أعمال مع مهمته السياسية الجديدة.

* ترجمة حصرية لجريدة “العمق المغربي”.