منتدى العمق

التغير المناخي.. بين صراع الدول العظمى ومعاناة الدول الفقيرة

إن مشكل التغير المناخي, ليس بأزمة عابرة, بل إنه لحق حرب دولية, تتصادم فيها أطماع ومصالح
الدول العظمى ولوبياتها, بمشاكل ومعاناة الشعوب والدول الفقيرة, هاته الحرب التي قد تتجاوز مخلفاتها قدرة البشر على تحملها, لكن رغم ذلك لا يبدو أنها أخدت نصيبها من الجدية في الموضوعات المتداولة, وبالأخص في اهتمامات المجتمع العربي, على الرغم من الاثار السلبية سواء البادية أو المستقبلية على المنطقة.

تعتبر الدول العربية من بين الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية, رغم كونها من الأقل تأثيرا في هذه التغيرات, باستثناء الدول المصدرة للنفط. حيث ما فتئت تتواصل تداعيات التقلبات المناخية من جفاف وأعاصير وفيضانات وعدم انتظام الفصول و الأمطار, الأمر الذي خلف عدة ظواهر تؤثر في سيرورة الحياة بالنسبة لشعوب هذه الدول.

فقد أثر عدم انتظام التساقطات المطرية, وانخفاض منسوب مياه الوديان, في تراجع مردودية عدة محاصيل زراعية, الأمر الذي تسبب في اختلال الحالة المعيشية للفلاحين والمستهلكين وللنظم الاقتصادية, حيث تعتبر الفلاحة من بين أهم القطاعات التي تعتمد عليها اقتصادات هذه الدول, ومثال على هاته الحالة, ,تراجع مردود الزيتون للموسم الحالي بالنسبة لمعظم الدول العربية, الأمر الذي تسبب في ارتفاع ثمنه.

بالإضافة إلى ذلك يلاحظ وبشكل جلي, نقصان حاد في المياه العذبة والصالحة للشرب, خصوصا في الأرياف والمناطق القروية, مما قد يهدد السلامة الصحية للساكنة, وعلى مدى استوطانهم للمناطق التي تشح فيها المياه, الأمر الذي ينتج عنه حالات نزوح وهجرة خصوصا باتجاه المناطق الحضرية, مما يؤدي إلى اختلال ديموغرافي كبير, ناهيك عن ما قد يسببه هذا الأمر من اندثار وانقراض بعض الأصناف من النباتات والحيوانات, وهذا ما نلاحظه في الآونة الأخيرة وبكثرة.

ومما تجدر الإشارة إليه, ما قد يسببه التغير المناخي من كوارث بيئية, قد تؤدي إلى اندثار دول أو جزر من على وجه الأرض, أو قد تؤدي إلى تكبد الدول لخسائر مادية وبشرية يصعب تعويضها, كما حدث على سبيل المثال في المغرب سنة 2014 , حيث عرفت المناطق الجنوبية للملكة, من فيضانات راح ضحيتها العشرات من القتلى, بالإضافة إلى تدمير العديد من الطرق والبنى التحتية, الأمر الذي تسبب في خسائر مادية كبيرة.

باللإضافة إلى كل ما ذكر, ومما يفاقم تأثير التغيرات المناخية على الدول العربية, هو افتقار هذه الدول لاليات واستراتيجيات التصدي وبشكل فعال للمخاطر الناجمة عنها, باللإضافة إلى نقص الوعي في الشارع العربي فيما يتعلق بهذه القضية.

عموما فإن الناظر لواقع بيئتنا ليصيبه الذهول من هول المصيبة التي ترخي بظلالها على كوكبنا, إن الأمر لا يحتمل التأجيل أو التأخير. ولكن في الآن نفسه, لا يحتمل اتخاذ خطوات عبثية وعشوائية, وغير محمودة العواقب وغير ناجعة

نافع الجيدي