سياسة، ملف

المغرب يبرز بروسيا مقاربته للتصدي للإرهاب والتطرف

أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، أمس الأربعاء بموسكو، أن المملكة المغربية تبنت منذ سنوات تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس مقاربة متعددة الأبعاد للتصدي للإرهاب والتطرف تشمل الجوانب الأمنية والدينية والاقتصادية.

وأوضح لوديي في كلمة بمناسبة الدورة السادسة للمناظرة الدولية حول الأمن التي تحتضنها موسكو على مدي يومين، أن هذه المقاربة التي تندرج في إطار الالتزام الراسخ للمملكة بمكافحة الإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتطرف العنيف بكل مظاهره تتوخى على الخصوص، محاربة الفقر والتهميش وتعزيز التنمية السوسيو اقتصادية المستدامة، ووضع إطار تتجانس فيه الإجراءات الأمنية والقانونية والعملياتية، وإعادة تنظيم الحقل الديني لإرساء قيم التسامح والانفتاح.

وأضاف أن المملكة المغربية، باعتبارها فاعلا أساسيا لإرساء الاستقرار الإقليمي في عمق القارة الإفريقية، تعمل في إطار التعاون جنوب – جنوب على تعزيز التنمية السوسيو اقتصادية التجارية وتشجيع الاستثمار وخلق الثروة ومنح فرص الشغل للشباب في العديد من الدول الإفريقية، مساهمة بذلك في ما يبذل من مجهودات لتجفيف منابع الإرهاب والهجرة غير الشرعية وفق مقاربة براغماتية فاعلة.

واعتبارا لروابطها التاريخية والثقافية والروحية القوية مع دول منطقة الساحل والصحراء، يضيف لوديي، عملت المملكة المغربية على تطوير برامج التكوين الديني التي استفاد منها عدد من الأئمة والقيمين الأفارقة، وتتوخى هذه المبادرة نشر قيم الإسلام المنفتح والمعتدل والتسامح المبني على تعايش الديانات والرافض لكل أشكال العنف والتطرف الديني.

وسجل أن المملكة تبنت منذ سنة 2013 سياسة تضع ضمن أولوياتها حماية واحترام حقوق المهاجرين وحفظ كرامتهم وضمان اندماجهم الاقتصادي والاجتماعي في المملكة المغربية، وذلك وعيا منها بحجم وانعكاسات ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

وفي هذا الإطار، ومن أجل تقديم حلول مندمجة تراعي الطابع الإنساني لهذه الأزمة، أكد الوزير أنه تم وضع مخطط عملي لتسوية ملف اللاجئين والمهاجرين في وضعية غير شرعية ولاسيما المنحدرين منهم من إفريقيا وسوريا، مما سمح في المرحلة الأولى من تسوية وضعية 25 ألف مهاجر، كما تم الشروع منذ دجنبر 2016 في المرحلة الثانية من هذا المخطط والتي سيتم من خلالها تسوية وضعية حوالي 19 ألف مهاجر.

وفي ما يتعلق بالجانب الإنساني، أشار لوديي إلى أن المملكة المغربية تقدم منذ أربع سنوات خدمات طبية مهمة للسوريين في مخيم الزعتري على الحدود السورية الأردنية من خلال المستشفى الميداني المتعدد التخصصات، مضيفا أن عدد الخدمات الطبية المقدمة تتعدى مليون خدمة استفاد من أغلبها النساء والأطفال السوريون.

من جهة أخرى، قال لوديي إن المغرب ساهم إلى جانب ممثل الأمم المتحدة في بلورة اتفاق الصخيرات الذي يعد خارطة طريق نحو حل سياسي لاستتباب الأمن والأمان في البلد الشقيق الجمهورية العربية الليبية.

وأضاف الوزير “يجب ألا ننسى أبدا حل مشكل فلسطين واحترام سيادتها وحدودها في إطار دولة لها كيانها وعاصمتها القدس الشرقية طبقا لقرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن”.

وعلى صعيد آخر، قال لوديي إن “الإرهاب المنتشر في مختلف جهات العالم يذكرنا بواجبنا ومسؤوليتنا من أجل تعزيز تعاوننا لمحاربة هذه الآفة والقضاء عليها وتوحيد صفوفنا لمواجهة تنامي التهديدات الأمنية الناجمة عن تكاثر بؤر التوتر”.

وأعرب عن يقينه من أن تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال سيجعل العالم أكثر أمنا واستقرارا، مؤكدا أن روسيا الاتحادية باعتبارها فاعلا دوليا وازنا تضطلع بدور ريادي في مواجهة هذه الآفات الأمنية والعمل على تعزيز الاستقرار والطمأنينة.

واعتبر أن تحقيق الأمن والاستقرار لا يتم دون وضع أسس التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما أن تحقيق التنمية المستدامة لا يتم دون استتباب السلم والأمن داخل الوطن.

ومن أجل ذلك، يقول لوديي “يجب علينا جميعا التصدي بشكل استباقي للأزمات عن طريق وضع سياسات شاملة أساسها التعاون والرفع من الإعانات والمساعدات المالية لفائدة دول الجنوب ومواكبة برامجها التنموية وذلك للإسهام في الحد من الفقر والهشاشة اللذان يعدان من أهم أسباب تفشي العنف والتطرف”.

من جهة أخرى، نوه لوديي بالعلاقات المتميزة التي تربط المملكة المغربية بروسيا الاتحادية والتي حققت طفرة نوعية وتطورا ملموسا في مختلف المجالات بعد الزيارة الرسمية للملك محمد السادس لروسيا في مارس 2016 ولقائه المثمر مع فخامة رئيس روسيا الاتحادية السيد فلاديمير بوتين.

وقال إن هذه الزيارة الناجحة، توجت بالتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون والبيان حول الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين، التي تروم مساهمة الطرفين في إرساء السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين والعمل من أجل الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للبلدين، والحفاظ على وحدتهما الترابية وتعزيز الحوار الثنائي وتوسيع التعاون في جميع المجالات.

وسجل لوديي أنه جرى بمناسبة هذه الزيارة توقيع البلدين على الإعلان المشترك حول مكافحة الإرهاب الدولي، الذي تم من خلاله التأكيد على رغبة الطرفين في تعزيز أواصر التعاون الثنائي في هذا المجال.

يذكر أن الوفد المغربي المشارك في الدورة السادسة للمناظرة الدولية، يضم إلى جانب عبد اللطيف لوديي، الجنرال دو دوفيزيون عبد الفتاح الوراق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.

وتشكل هذه المناظرة الدولية أرضية مهمة للحوار وفرصة متميزة لمناقشة الإشكاليات الأمنية التي يعرفها العالم.