وجهة نظر

مايسة وسلطة الفيسبوك

لم اتابع مايسة وكتاباتها كثيرا ومع احترامي ل600000 معجب بصفحتها، إلا أن الكتابات التي قرأتها وجدتها متناقضة أحيانا، وغالبا لا تتعدى الوصف والصراخ دون أن تكون لها رؤية واضحة أو تقدم تحليلا دقيقا للأوضاع التي يعيشها المغرب أو العالم، فهي ترفض العلمانية كما يرفضها أي بسيط جالس على المقهى يقرنها بالإلحاد، لكنها لا تستطيع أن تعلن أنها مع مشروع إسلامي. وهي تهاجم بنكيران بعد أن هللت له يام هلل له الجميع كمنقذ للمغرب من فتنة الربيع العربي، وهي مع حجاب المرأة وحشمتها درءا للفتنة لكن لا مانع لديها من نشر صورها المثيرة بنظرات عيونها الواسعة وبحجابها المختلف قليلا عن حجاب المغربيات والذي يميل للحجاب الشرقي، ولكنني مع ذلك أتأذى حين أجد أن البعض يهاجمها ليس فيما تكتب لكن يسيء لها كامرأة، كما أني لا أستطيع أن أتهمها بالخيانة وبأنها بوق يخدم أجندات معينة، ولكن اليوم ومع زيارتها للحسيمة كوسيطة كما عرفت نفسها والوساطة لها معنى محدد، ومع تصريحها أن التغطية الإعلامية والتي ستلعب فيها هي دورا كبيرا يمكن أن تغني عن المسيرات وعن الحراك في الشارع، هذه التصريحات جعلتني أطرح تساؤلات كبيرة ليس على شخص مايسة، فأنا لا يحق لي أن اتهمها دون معطيات ملموسة، لكن على مايسة المدونة المشهورة التي ولجت الصحافة وكتابة الرأي من الفيسبوك، مايسة التي أصبح لها هذا الوزن الكبير انطلاقا من عالم نخندقه كعالم افتراضي ومايسة التي كل ما ستفعله هو أن تنقل الحراك في الشارع إلى العالم الافتراضي. ومايهمني في الموضوع هو مايسة مدونة الفيسبوك والسلطة التي منحها لها.

كنت اصف الفيسبوك بانه سجن كبير يعوض احلامنا المستحيلة ويداوي خيباتنا الكبيرة ،لكن اليس الفيسبوك اليوم هو اداة التواصل الكبرى للشيوخ كما للاعبي كرة القدم والفنانين ، العريفي اصبح له كل هذا الصيت بسبب الملايين التي تتابع صفحته ،الفنانون اصبحوا يقيسون نجاح اعمالهم بنسبة المشاهدة وبعدد متابعي صفحاتهم ،هناك فيديو لراقي شرعي من سلا يغزو صفحتي وربما بسبب مشاهديه الذين بلغوا 40000 مشاهد
لتكن من تكون مايسة ،لكن 600000 متابع لصفحتها هم من اعطوها هذا الوزن ،لتكن من تكون مايسة او العريفي او الراقي الشرعي لكنهم حاضرون على الفيسبوك ولهم معجبوهم ،وحاضرون في الواقع ولهم معجبوهم ،لنصفهم كما نريد مشعودون ,ابطال وهميون ,تافهون لكنهم حاضرون ولهم سلطة والسؤال هو من الغائب عن هذا الفضاء وان حضر فحضوره باهت.

إنهم المثقفون الحقيقيون ،انهم من حبسوا انفسهم بين جدران قصور المؤتمرات والمكتبات ،يحاورون بعضهم ويناقشون بعضهم ،لا يصل صوتهم حتى للطلبة في الجامعات فكيف للباعة المتجولين في الأسواق ،انهم من اذا دخلوا هذا الفضاء لا يهتمون بالتواصل مع منخرطيه وهم شريحة كبيرة وليس صحيحا انهم دائما من ميسوري الحال ،فقد تصادفت كتابتي لهذه المقالة مع المشاكل التي يعرفها الواتساب ولاحظت الجنون الذي كاد يصيب الجميع من البائع البسيط الى سائق الطاكسي،وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت واقعا ولا يمكن ان نكتفي بلعن سلبياته ونتحدث عن ابطاله الوهميين الافتراضيين ،مايسة يا سادة قوية ب600000 معجب وتعرف كيف تروج لنفسها وليكن وراءها من يكون فانتم امامكم هذا الفضاء الازرق وتملكون ما تملكون من علم ومعرفة وتحملون بين ضلوعكم غيرة كبيرة على هذا الوطن ،انه امامكم وان عجزتم عن التواصل مع غيركم فالعيب فيكم.

انه زمن الرداءة بالفعل لكن جبل الجهل يمكن ان نهدمه بابرة ان لم نجد معولا كبيرا ،افكارك ،قيمك ،رؤيتك ليس لها قيمة ان لم تصل لأكبر عدد من المعنيين وان لم يتبناها “معجبون” .صوتك ليس له قيمة ان لم يسمعه غيرك وبدل ان نلعن الظلام لنشعل شمعة وبدل ان نكتفي بوصف العالم الازرق بعالم الوهم والكذب لنتقبل ان له سلطة مايسة.