وجهة نظر

امتحان الباكلوريا يفتقد لتكافؤ الفرص

لأول مرة، وبعد تفكير متأن في الموضوع وفي عواقبه، قررت أن أخرج بموقف يطعن في نتائج الباكلوريا ليس من جهة نزاهة العمليات المرتبطة بها، ولا حتى بجدية سياسة الوزارة في محاربة الغش، فذلك موضوع كبير على الوزارة وكبير على الحكومة، وربما هو كبير حتى على الدولة التي لم تعد قادرة على التحكم في نتائج انهيار منظومة القيم في المجتمع، ولكني أبني الموقف على استقراء أجريته وبشكل شخصي في مدينتين كبيرتين هما البيضاء والرباط انصب بشكل أساسي على قضية تكافؤ الفرص في الامتحان.

نتيجة الاستقراء، أن امتحانات البكالوريا تكرس وضعية اللاتكافؤ في الفرص بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، ليس فقط من زاوية الفروق في نقط المراقبة المستمرة فهذا موضوع صغير وصل صداه إلى الوزارة وقامت بإجراءات تخفيف التوتر فيه، ولكن من زاوية عدم احترام التعليم الخصوصي للمقررات الوزارية المنظمة لتدريس المواد، فالتعليم الخصوصي في عدد من المؤسسات الخاصة التي أمتلك معطيات مفصلة بشأنها في المدينتين المذكورتين، لا تلتزم كثير منها بتدريس المواد غير الإشهادية بالنسبة لسنوات الباكلوريا، وتركز في كل السنة الدراسة، أو على الأقل الدورة الثانية على أربع مواد إشهادية بمعدل 10 ساعات تقريبا أو أكثر، بينما تتوقف عن تدريس المواد غير الإشهادية بشكل كامل دون رقيب أو حسيب، وتكتفي بإجراء امتحان شكلي في المراقبة المستمرة في الدورة الأولى، وتحتفظ بأوراق الامتحانات لديها للطوارئ.

النتيجة، أن تلاميد التعليم العمومي يدرسون كل المواد، ويدرسون المواد الإشهادية بالوتيرة المقررة وزاريا، بينما تتضاعف هذه الوتيرة مرتين إلى ثلاث مرات بالنسبة للمواد الإشهادية في التعليم الخصوصي، فيربح تلميذ التعليم الخاص مرتين: نقطة عالية في المراقبة المستمرة من غير دراسة للمادة، ومضاعفة ساعات المواد الإشهادية على غفلة أوتواطؤ من بعض مصالح الوزارة أو الأكاديمية أو المديرية الإقليمية، لتكون المحصلة هو عدم تكافؤ الفرص في نتائج الامتحانات.

أي تكافؤ للفرص بين تلميذ يدرس مادة الرياضيات لخمس أوست ساعات وآخر يدرسها بمعدل عشر ساعات إلى ثلاثة عشر ساعة في الأسبوع.. لهذا السبب أبني موقفي الطاعن في نتائج الامتحانات وأعتبرها غير ذات مصداقية إلا إن أقدمت الوزارة على تحريك مفتشيتها العامة وفتح تحقيق في الموضوع وترتيب المتعين قانونا ضد هذه المؤسسات التي تستهتر بالمقررات الوزارية المنظمة للسير الدراسي.

لدي يقين بأن الوزارة أوعلى الأقل بعض الوزراء والمسؤولين الذين يدرسون أبناءهم بالتعليم الخاص يعلمون هذه الحقيقة جيدا وربما يباركها بعضهم سرا ويعتبرون أنها في صالح أبنائهم، لكن القضايا الوطنية مثل مصداقية الباكلوريا الوطنية ينبغي فيها التجرد من حظوظ الذات ومصالح الأبناء والأقارب، وتحمل المسؤولية الكاملة في إحداث التكافؤ المطلوب واحترام مقررات الوزارة وإضفاء قدر من النزاهة والجدية والصرامة على السياسة العمومية المؤطرة للفعل التربوي

هذه التدوينة لا تستهدف السيد حصاد وزير التربية الوطنية، ولكن تنبهه إلى الإشكالات الحقيقية التي يعاني منها التعليم.

آمل أن يأخذ ما كتبت بجدية وأن يقوم بالمتعين لتفادي هذه الفجوة الخطيرة، وألا يبالي باللوبيات إذا تعلق الأمر بقرار يعيد المصداقية والسمعة إلى شهادة الباكلوريا ويقيم العدل وتكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة