وجهة نظر

خلاصات بعد انتخابات 7 أكتوبر ..(1)

بعد تجربة 7 أكتوبر 2017 من منا لا زال يثق في أن الإصلاح من داخل المؤسسات (الإصلاح في ظل الاستقرار) ذو جدوى؟؟ .

شخصيا أنا لست من أولئك !
كما أنني لست واثقا من كون السياسة هي حقا المدخل الرئيسي و العامل الرئيسي في تحويل الدول من دول متخلفة إلى دول متقدمة ..
فإن كان خيار الإصلاح من داخل المؤسسات هو الخيار الأكثر منطقية من كافة الخيارات الأخرى سواء الجذرية (العدل و الإحسان-اليسار الراديكالي…الخ) ، أو حتى المخزنية .. لكن هذا الخيار لم يأخذ طابع الصوابية إلا لكونه هو مرافق لمجموعة من العوامل الأخرى ، لأن التبرير الذي تطرحه الحركات الاجتماعية التي تتبنى الإصلاح من داخل المؤسسات كون القابلية للثورة غير ممكنة في المغرب ، و كون المخزن لا زال يسود و يخيم على عقول المغاربة بأدواته البشعة .. و الأدلة وافرة للغاية (مسيرة/مهزلة مناهضة “أخونة الدولة و المجتمع” – تجييش المواطنين على التصويت على حزب الجرار ب 7 أكتوبر …الخ ) .إذن خيار الإصلاح في ظل الاستقرار ما هو في النهاية إلا خطوة عملية لتحسين الأوضاع قليلا ، لن تعطي أكلها إلا إذا صاحبتها مجموعة من الأمور التي تعتبر أساسية لها ، بل و تجعل الخيار السياسي مجرد عنصر مساهم لكي نصل إلى ما يرفع من عناوين عريضة (نهضة الأمة – البناء الحضاري – الالتحاق بركب الحضارة …) .

انتخابات 7 أكتوبر أفرزت لنا نتائج معينة ، لكن ما بلور على أرض الواقع من قبيل التحالف الحكومي الذي جاء منافيا لما كان يتطلع إليه -من يتابع المشهد السياسي من -الشعب المغربي، ففي دول أكثر تقدما و ذات شعب أكثر فهما لن تمر هذه التجربة مرور الكرام ، و لن يتم التراجع عن ما قد اكتسب في 2011 ، لأن هذا الشعب له ما له من رصيد ثقافي و سياسي و له من الوعي النضالي ما لا يسمح له بترك الأمور تمشي بشكل لم يرغب فيه ..هنا إذن سأعيد اجترار السؤال الذي يسأل في كل مجامعنا ، و هو ما الفرق بيننا و بينهم ..؟

الفروقات واضحة بكل تأكيد ، لكن عمق الفرق هو أكيد مرتبط بالوعي الشعبي ، و مرتبط كذلك بمدى فهم المواطن لما يدور من حوله …
هنا بالذات أعيد طرح هذا السؤال الذي يؤرق أبناء الحركات الإسلامية بصفة عامة ، و أبناء التوحيد و الإصلاح بشكل خاص : ما الذي يجعلنا لا نصل إلى عمق المجتمع ؟؟ما الذي يجعل كلمة الأخ كلمة ذات معنى أيديولوجي ؟؟
للأسف أوراق حركة التوحيد و الإصلاح مثالية للغاية ، و لا تمتلك واقعية كافية لجعلها حقا تصل إلى عمق المجتمع ، و هي تظل أكثر الحركات الاجتماعية بالمغرب فهما لما يدور حولها ، بل و أفضل الحركات الاجتماعية من الناحية النظرية إسهاما . هذه النظرة المثالية قد تكون لأسباب موضوعية(احتكار السلطة للمعارف التي تضر بها …) ، كما أنها كذلك لأسباب ذاتية تتجلى في عدم إعطاء قيمة حقيقية للثقافة ، و الخوف من طابو الفن و علاقته بالدين ،عدم إلمامنا بتاريخ المغرب و تحليله تحليلا مفصلا ، وعدم البحث المعمق في ما يخص الهوية المغربية .. فالثقافة التي هي ذات ارتباط سواء بالفكر (الذي يحسب للحركة تقدم فيه ) ، أو بالفلكلور الشعبي (لا تقدم فيه أية بحوث أو حتى نقاشات ) ، الفن (مجرد رؤية لا تتبلور على أرض الواقع و ليست واضحة المعالم ) ، المسألة اللغوية ( تغليب العربية على الأمازيغية ) ، التدين ( يحسب للحركة تقديم تقرير سنوي حول الوضعية الدينية للمغرب ، لكن هذا التقرير لا يمس صلب الإشكال في التدين حيث أنه لا يجيب على أسئلة من قبيل تمثلات المغاربة للصلاة و الصيام و الشعائر الدينية بصفة عامة فيأتي هذا التقرير دائما بخلاصة كون المغاربة قريبين من الدين الإسلامي ، و هي إجابة تجعلنا نحير بين ما نراه ورقيا و ما هو كائن في أرض الواقع المعيش)… ثم كذلك عدم وجود اهتمام كبير سواء بالسوسيولوجيا أو بعلم النفس يجعلنا كذلك بعيدين كل البعد عن فهم حالة المجتمع .

خلاصة القول ، إن حزب العدالة و التنمية باعتباره شريك حركة التوحيد و الإصلاح الاستراتيجي و مبلور رؤيتها السياسية ، قدم نجاحات بارزة سواء من ناحية الاستقطاب أو حتى من ناحية التغيير و الإصلاح من موقعه ، لكن قصور الإصلاح السياسي الملموس هو نتيجة قصور العمق في الإصلاح على كافة المستويات ، أو بالأحرى التعثر في التطبيق الفعلي لسياسة التخصصات التي تنهجها الحركة ، و هذا ما يجب عليها أن نعيد إدراكه …