وجهة نظر

الدعاية التجارية بين الإشهار والتشهير والإيحاء الجنسي

من تأمّل وصلات الإشهار المقدّمة على الشّاشة الصّغيرة على الخصوص، أو المدرجة في وسائل الإعلام عموما يحسّ تطوّرا إلى خارج معنى الكلمة، فمن التّرغيب والتّعريف بمميّزات المادّة إلى “إرغام” المتلقّي على الإقبال على المادّة بإثارة الرّغبات التي تتحوّل إلى نقاط ضعف حين استئسادها على العقل، وأذكر منها الأكل والجنس والتملّك والظّهور والتّفوّق.

ويعتبر الجمال والفتنة والإيحاءات الجنسيّة أكثر استعمالا لتمرير لقطات الإشهار، وتبقى المرأة حاضرة على الدّوام فيها سواء تعلّق الأمر بما له علاقة بالمرأة أو بغيره، فهي تركب السيّارة الفخمة وتعانق الحالق بالشّفرة وترقص على أنغام المشروبات العالميّة دون وصف درجة العري التي تظهر بها.

ويبدو أنّ هذا الاتّجاه الذي يبالغ في توظيف مفاتن المرأة أصبح تقليديّا في مقابل الاتّجاه الفنّي الذي يستخدم الرّموز وبعض الغموض وربّما التّجريد كما هو الحال في بعض الإعلانات، أمّا الاتّجاه الذي يعتمد مقاربة طفوليّة المنطق لتسفيه وتحطيم المنافس لترويج المادّة موضوع الإشهار فإنّه يتجاوز حدود الدّعاية إلى الدّعاية المضادّة وحدود الإشهار إلى التّشهير بالآخر وهذا لا علاقة له بموضوع الإشهار، وطالما تجاوز المنتوج الإشهاري حدود التّعريف والدّعوة السّلميّة إلى اقتناء المادّة المعنيّة، إلى استفزاز المشاهد والأسرة في ما له علاقة بالثوابت الإسلاميّة والمشاعر الاجتماعيّة فهو خرق للمبادئ التي يجب أن تقنّن حرفة الإشهار والإعلام عموما.

فما معنى أن يحوّل تركيز المشاهد من كون الشّفرة تحلق أحسن إلى كونها تؤدّي إلى جاذبيّة أكبر للنّساء؟ والأمر نفسه بالنّسبة للمواد العطريّة والملابس ومواد التّجميل التي تمكّن من اجتذاب الجنس الآخر، وحتّى المواد الخاصّة بالأطفال لم تسلم من القبلات والإيحاءات الغير بريئة، ليس لكلّ هذا معنى إلّا محاولة تغيير همّ هذا الإنسان من الإصلاح والبناء والإعمار إلى فتنة الجنس الآخر وإسقاطه في الهوى بواسطة (كريم) أو علكة.

ويحتار المرء في التّمييز بين الهدف والوسيلة في عمليّة الإشهار، هل تُوظّف المرأة لإشهار الموادّ التّجاريّة، أم تُوظّف هذه الموادّ للدّعوة إلى السّفور، أم هما معا.