مجتمع

باحثو اجتماع: ثورة جنسية وراء اعتداء الحافلة.. ومراهقون ضحايا “الدولة”

لم يستفق المجتمع المغربي بعد من وقع صدمة إتيان 15 مراهقا لأتان مسعورة نواحي سيدي قاسم، حتى صُفع مرة أخرى بشريط فيديو يُظهر مراهقين يمزقون ثياب فتاة قاصر ويعبثون بمناطق حساسة في جسدها داخل حافلة للنقل الحضري بمدينة البيضاء دون أن يحرك أحد الركاب ساكنا.

الواقعة المؤسفة التي تعود لشهر ماي المنصرم، أثارت حنق المغاربة وغضبهم وأعادت إلى الواجهة سؤال المستوى الذي وصل إليه أبناء المغاربة خاصة وأن ” أبطال” الحادثتين معا مراهقون لم يتجاوز أكبرهم 17 سنة.

تسيب

الدكتور علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، لم يجد تفسيرا لما يقع سوى أن هذه التصرفات كانت نتاج” ضعف القيم والوسائل التي تعمل على تحصين الإنسان داخليا، بأن تكون له قناعات ومبادئ وأفكار وقيم يعرفها ويقدرها الإنسان حتى يبتعد عن كل ما يؤذيه ويؤذي الآخرين”.

وقال الشعباني ضمن تصريح لجريدة ” العمق”، إن ” الدولة المغربية هدمت كل هذه القيم، وما عليها إلا أن تنتظر مثل هذه الكوارث”، معتبرا أن ” المجتمع يعيش على وقع التسيب، بسبب انشغال الدولة بالسياسة وتركها الشعب لنفسه دون حصانة ثقافية ولا اقتصادية ولا علمية ولا دينية ولا أخلاقية” وفق تعبيره.

وتعقيبا على المنادين بإسقاط أقصى العقوبات على هؤلاء المراهقين وإعدامهم، أبرز الشعباني للجريدة أن ” أقصى وأقسى العقوبات يجب أن تلحق بالمسؤولين الذين تسببوا في مثل هذه الكوارث، وتركوا الشعب عرضة للحيف الاقتصادي وضعف المنظومات التعليمية والتربوية وتوسيع الفوارق الاجتماعية وإلحاق الظلم بالضعفاء والوقوف إلى جانب الطغاة وتقويتهم وغيرها الكثير من الاختلالات”، خاتما كلامه بالقول ” أما المراهقون فهم ضحايا سياسات وتوجه ايديولوجي خاطئ”.

كبت

من جهته، اعتبر الدكتور رشيد الجرموني، أن ظاهرة التحرش حاضرة بقوة في الشارع المغربي، موضحا أن هذا السلوك ليس فرديا أو معزولا ولكنه يعكس بنية مجتمع تبدأ العلاقات داخله متوترة وعنيفة بالبيت والمدرسة زيادة على غياب التنشئة السوية عند الأجيال الذين يشكلون جزء من المجتمع.

واعتبر المتحدث أن المجتمع المغربي ينتقل من ذاك المجتمع المحافظ والمتماسك بقيم معينة، ومع سلوكات غير مقبولة يمارسها بعض أفراده فقط في الخفاء، إلى مجتمع يتغير ولا يجد أي حرج في التعبير عن نفسه في الشارع والفضاء العام، رادا أسباب هذا الانتقال إلى ” غياب الإجماع على عدد من القيم كالعفة والحياء مثلا التي لم تعد محط إجماع”.

وأبرز المتحدث أن المجتمع المغربي بات يعيش ” ثورة جنسية تعتمل وتبرز أكثر فأكثر، لافتا إلى أن المراهقين دون تربية جنسية سوية ولا تنشئة اجتماعية، يجدون أنفسهم بين نزوعات متعددة تتراوح بين حلم إشباع رغباتهم وواقع عنيد لا يسمح لهم بممارسة ما يريدون مصطدمين بجدران القانون والدين والأعراف، ويتحينون الفرصة للتعبير عن مكنوناتهم ولو عبر رصة قد تكون بطريقة صارخة وصادمة.