مجتمع

الاعتداء على أستاذ ورزازات.. سوسيولوجيون يدينون الدولة والمجتمع

أعادت واقعة اعتداء تلميذ على أستاذه بثانوية تأهيلية بورزازت، النقاش حول موضوع العنف الموجه ضد هيئة التدريس وكذا الأطر التربوية من حراس عامين وإداريين وغيرهم، وطفت هذه الظاهرة إلى سطح الأحداث بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي الذي جعل الهواتف الذكية توثق لحالات الإعتداء، بعدما كانت حالات مماثلة تظل حبيسة جدران القسم، ولا تخرج للملأ إما لخوف الأستاذ من أن يتخذ إجراءات ضد التلميذ فيطاله عنف جسدي أكثر خارج المؤسسة، أو خوفا من تدخل أطراف متعددة تنتهي بطي القضية.

ويرى الأستاذ والباحث في علم الاجتماع علي الشعباني، أن “ظاهرة العنف ضد الأساتذة في المغرب أصبحت منتشرة ومقلقة، وتهدد المنظومة التعليمية ككل”، مضيفا أن “الأستاذ عندما يحس أنه يعمل في بيئة غير آمنة من الصعب أن يعطي وأن يبدع ويجتهد لأن الهاجس الأساسي بالنسبة له هو الحفاظ على سلامة جسده وبدنه من اعتداءات التلاميذ”.

واعتبر الشعباني، في تصريح لجريدة “العمق”، أن “المسألة لم تعد تهم الأساتذة فقط بل المجتمع بكامله، خصوصا الأسر التي ترسل هؤلاء التلاميذ لإحداث الشغب والفوضى داخل المدرسة تجاه أساتذتهم وزملائهم أو تجاه الإداريين، مشددا على ضرورة أن تقوم الأسرة بدورها وأن تعرف كيف تربي أبناءها”.

ويضيف المتحدث ذاته، أن “الدولة يجب أن تراجع القوانين المطبقة في الحقل التعليمي لأن هناك مجموعة من القرارات والمراسيم التي تكبل كل هذه الجهات من مربين وأساتذة وإداريين لمواجهة التلاميذ في حالة الاعتداءات”.

“ممنوع إخراج التلاميذ المشاغبين من القسم شجع هؤلاء الذين لا هم لهم إلا إحداث الفوضى داخل المؤسسة، خاصة عندما يحسون أنهم مهددون بالطرد أو أنهم لا مستقبل لهم في المدرسة وغير قادرين على المسايرة، يستغلون هذه الثغرة القانونية والحقوقية لإحداث الفوضى داخل المدرسة، لذلك فلابد من مراجعة مثل هذه المسائل”، يؤكد الشعباني.

وأردف الباحث في علم الاجتماع أن “الذي سيتضرر من هذه الظاهرة أساسا هو المجتمع لأنه لن يستطيع في ظل هذه الظروف تكوين عناصر قادرة على خدمة المجتمع وعلى العمل على تطويره، وهذا ربما من الأسباب التي دفعت الى نزول المنظومة التعليمية إلى الحضيض”.

وتابع الشعباني قائلا: “حاليا الأستاذ هو الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية لأن العقوبات تنزل دائما على رأسه وليس على الآخرين ولذلك فهو يحس بأنه مستهدف ووصل إلى درجة الحكرة”.

من جانبه، أكد أستاذ علم الاجتماع، رشيد الجرموني، في تصريح مماثل للجريدة أن “الظاهرة حاضرة بقوة تعيشها المدرسة المغربية منذ عشرين عاما حيث وقع تحول كبير ولم يعد العنف يمارس ضد التلاميذ بل أصبح العكس وهذا مرده إلى مجموعة من العوامل”.

وأجمل الجرموني هذه العوامل في أن “الدولة هي الأولى من قامت بالعنف، عندما تخلت عن التعليم، ومارست العنف على الأساتذة في السبعينيات والثمانينات لتنتقل بعد ذلك إلى الإهانة المادية والتي تعمقت بالمجتمع مما أدى إلى تزعزع صورة المعلم والمدرسة”.

وأضاف السوسيولوجي المذكور، أنه “حتى الإبداعات الفنية والمسرحية كانت تسيء للأستاذ والمدرس بدون شعور”، مضيفا أنه “دخلنا في الموجة الثالثة وهو العنف الذي يمارسه هذا الجيل الذي فقد جميع القيم وبدأ يمارس العنف على الأساتذة بشكل خطير جدا”.

واعتبر أن “مواقع التواصل الاجتماعي تنقل لنا فقط ما يقع للأساتذة في لحظة وجيزة أما ما يحدث فهو عنف كبير وجحيم لا يطاق”، مؤكدا أن “المجتمع ينظر إلى المعلم والأستاذ كحشرة ولا يعطيه أية قيمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *