وجهة نظر

خطاب 6 نونبر و مسيرة المغرب الجديدة

لن نستطيع خلخة المعيقات الذهنية و الموانع الداخلية و الخارجية التي حَذَّرَ منها جلالة الملك محمد السادس إلا بالتمسك بروح الخطابات الملكية و صريح مضمونها و الثقة المستمرة في جدية و مصداقية مسيرة المغرب الجديدة الساعية إلى تدشين مرحلة مشرقة من الإنماء و البناء المتواصلين لمغرب الحاضر و المستقبل. و قد تبدو الموانع المادية كإكراهات ذات أولوية ، إلا أن المرء يجد نفسه أحيانا أمام وقائع تتبث أن الموانع التي تبنيها ” المؤثرات النفسية و السيكولوجية ” تكون في أحيان كثيرة صعبة التجاوز . لأن التأويل السياسي الخرافي يقود الإنسان بشكل مباشر إلى جمود ” العقل” و تحجر ” العقليات ” ، فهو تأويل غير قائم على المعرفة لم يأخذ بالأسباب و لم يستجلب الشباب بالترغيب في المواطنة .

و ذاك ما جعل الشباب المغربي يعتنق – في غالبيته- مذهب ” اللامبالاة السياسية ” ويعاني من حرِّ الغياب أو التَّغْيِيب عن ذوق الثقافة . إنها الكتلة الناشئة لزمن ” بعد ما بعد الحداثة ” ؛ شباب يعاصر فوضى وفرة المعلومة و ينخرط إراديا أو لاإراديا في ما اصطلح عليه ب « المواطن العالمي» ، و لو افتراضيا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. هذا الشباب إرتفع حجم مطالبه في ظل وضع إجتماعي و إقتصادي جد قاسٍ ، و قبل هذا و ذاك هو شباب منفتح في السلوك و المعاملة ، متشبت بعقيدة التوحيد و” ما فوق العلم “، إنه بالمحصلة نِتاج تفاعل ” حداثي – تحديثي – شعبي” ، نتاجٌ إنساني وجب أن يستقيم سلوكه بالتشبع العقلاني بنبذ العنف ومواجهة الإقصاء و التمييز و رفض الغلو و التكفير.

إن المسيرة الجديدة تستدعي شحذ هِمَم الشباب قصدالانخراط الشجاع و المثمر في تغيير وضع لم يعد مقبولا استمراره ،و تستلزمالعمل الجماعي الفعال لإحقاق الصعود المنشود، وربح معركة الوحدة الترابية وكسب رهان التنمية المتوازنة، وترسيخ الديمقراطية التشاركية.

هذا الإنخراط الشبابي وجبأن ينطلقمن الحسم في الاختيار ، و الإعتماد على عملية المعرفة والاجتهاد ، مع الالتزام المسؤول والمحاسبة والمكاشفة . إذ لابد من القطع مع مظاهر التسيب والسلبية والتزمت والانغلاق و العدمية و الاسترزاق من خلال السمو بالمدلول الوطني النبيل لمسيرة المغرب الجديدة الذي يتخلى عن الاتكالية المقيتة والفردانية الأنانية لينصهر في ضمير جمعي واحد قصد استكمال بناء دولة المواطنة.و ذاك ما سيجعل من الشباب المغربي جيل المستقبل ، جيل الارتقاء نحو حياة أفضل ، جيل تواق للحرية و المسؤولية و المحاسبة مسعاه تحويل الإحباط و الفشل و الألم إلى دافعة نفسية إيجابية نحو سبيل الابداع الإنساني المتنور.

إن الديمقراطية التشاركية قبل أن يصل صداها إلى عدَّاد الصناديق و اقتسام المناصب و المكاسب هي فكر و ثقافة أولا ، و إذ نحن أخطأنا في الممارسة السليمة فحتما ستكون النتيجة من أخت الفشل . كما أن غاية الديمقراطية المفيدة و فلسفتها العتيدة تجعل من قوة الدولة و هيبتها أعمق آلياتها الاستراتيجية .

ويمكن الجزم بأن الوضع الراهن بجميع تمظهراته و جميع أفراحه و خيباته ، يدفع كل عاقل لبيب نحو صدق المكاشفة و وضوح التحليل ، فرهان المسيرة الجديدة هو صناعة ” الإستثناء الثقافي “و جعل الشباب المحرك الأساسي للإنماء الفعال ؛من خلال المضي قدما في معركة التحديث و الحداثة ، معركة العصرنة و المعاصرة ، معركة الحاضر من أجل المستقبل ” معركة تغيير العقليات “.وذاك ما يجعل من المسيرة الجديدة ” مخطط إعمار متعدد الأبعاد” نضمن به بلوغ المغرب مراتب الدولة الصاعدةمن خلال كسب معركة بناء إفريقيا واثقة من نفسها، متضامنة ومجتمعة حول مشاريع تنموية ملموسة.

*رئيس جمعية الاختيار الحداثي الشعبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *