وجهة نظر

إلى متى يستمر الحديث عن تعنيف المرأة المغربية والعربية؟

عندما يشخص الطبيب المرض وأسبابه لا يكرر عملية التشخيص آلاف المرات فتقع المصيبة ويتبعها الندم. أتساءل لماذا نشخص في كل سنة العنف ضد المرأة المغربية ونكرر الإحصائيات التي تتضاعف سنة بعد أخرى ونحدد الأسباب ثم ننتظر السنة المقبلة لنعيد الأبحاث والدراسات والإحصائيات ونتأكد من جديد من نفس التشخيص ونحدد نفس الأسباب ويؤخذ قرار الحد من العنف ضد المرأة؟

الحلول تتطلب مجموعة من الشروط منها المشاورة بين كل أطراف المجتمع وبالخصوص مع الضحايا من النساء وهن من يعشن هذه التجارب المؤلمة والمهينة والقاسية وأنا على يقين كامل، بحكم تجربتي الميدانية، أنهن يمتلكن عددا كبيرا من الحلول للقضاء بصفة نهائية على هذه الجريمة البشعة والمرتكبة من طرف الرجال.

1- تعريف العنف ضد المرأة حسب الضحايا للعنف:
– الضرب باليد وبجميع الوسائل
– السب والشتم و”المْعْيورْ” و”البْصْقْ الجاف” أو “البْصْقْ السّائلْ”
– إهانة المرأة باعتبارها: ناقصة عقلا ودينا، وأقل مرتبة من الذكر اجتماعيا، وأن دورها يقتصر في الحمل والولادة وتربية الأطفال وتنظيف المنزل وتحضير الطعام وتنظيف الملابس، وأنها “شيء جنسي”، دورها تلبية الرغبات الجنسية للزوج في أي وقت وفي جميع الظروف، وأن الملائكة تغضب عليها إذا رفضت تلبية الغرائز الحيوانية الجنسية لزوجها
– حرمانه في التمتع بنفس الحرية والسيادة مثل الذكر وعليها الحصول على موافقة الزوج حتى تسافر أو تزور والديها
– حرمانه في التصرف بكل حرية في الميزانية المالية للمنزل، وأنها ليست “ربة العائلة” في حين هي التي أنجبت الأطفال وليس الرجل
– حرمانها في اختيار طريقة وشكل وأنواع لباسها
– حرمانها من الدراسة أو العمل خارج البيت
– حرمانها في اختيار شريك حياتها بل في بعض الأحيان يتم قرار تزويجها وهي قاصرة كما يقرر الفلاح لأي ثور سيهدي بقراته!

2- أسباب العنف ضد المرأة حسب الضحايا للعنف:
تتلخص في 3 نقط:
– غياب مفهوم المساواة بين الجنسين: يرفض المغربي مفهوم المساواة ويُخيفه، سواء عند الذكر أم الأنثى، لأن هناك خلطاً بين المساواة الطبيعية والمساواة في الحقوق.
– معيقات التربية:

أ- العنف: التربية المغربية كلها عنف (معنوي ولفظي وجسدي) ويُرسخ في ذهن الطفل أن العنف شيء طبيعي في التربية ونظام البيت. وبما أن الذكر يعتبر أن الأنثى ناقصة عقلا فهي إلى حاجة للتربية على الحياة الزوجية ولهذا يستعمل العنف عند الحاجة وتتقبل الأنثى هذا العنف لأنه رُسخ في ذهنها وهي صغيرة أن هذا أمر طبيعي وحتى ديني!

ب- الأنثى خادمة للذكر: يُرسخ هذا المبدأ عند الأنثى على أنه أمر ديني ويجب الخوف وطاعة الذكر

ت- الأنثى ناقصة عقلا وشجاعة: تُرسخ كذلك هذه المفاهيم عند الطفل وتتحول إلى مسالة طبيعية بحيث تحتقر الأنثى قُدراتها أمام قدرات الذكر.
– اعتبار جسم المرأة عورة وليس جسم الذكر
– اعتبار الدورة الشهرية الدموية خللا في جسم الأنثى وأنه نجس أثناء الدورة وهذا له تأثير سلبي عظيم في مخيال الفتاة والفتى.

مهما كانت الحلول المقترحة لتجنب العنف ضد المرأة ستكون قاصرة جدا إذا لم تتغير عقلية الجنسين ويُرسخ فيهما منذ صغرهما مبدأ المساواة وأنهما كجناحي طيرين للمجتمع إذا لم يكونا متساويين ومتناغمين فلن يطير أبدا هذا الطير إلى سماء التقدم والسلم والرخاء.
الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *