مجتمع

الجهر باستضافة “الصهاينة”.. استجداء للشرعية أم استفزاز للمغاربة؟

كان التطبيع مع الكيان “الإسرائيلي” وما يزال، يُعقد في السر ويُنكر في العلن، كان التطبيع يُذم في الغياب ويُمدح في الحضور. كان التطبيع يُلعن على اللسان ويستفيد منه في بيت المال، ولكن المستجد اليوم في العالم العربي والإسلامي أن التطبيع أصبح يقام جهارا نهارا.

لقد تواصلت الأنشطة التي تعتبرها الهيئات الداعمة للقضية الفلسطينية “تطبيعا”، وكان أوج تلك الأعمال مشاركة وزير الدفاع الصهيوني السابق، عامير بيريز، ووفد صهيوني من أعضاء الكنيست، في أشغال مناظرة دولية نُظمت بمجلس المستشارين، يومي 8 و9 أكتوبر 2017.

تلاه عزف النشيد الوطني “الإسرائيلي” بمدينة أكادير، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات المغربية ـ “الإسرائيلية”، إثر مشاركة وفد رياضي يمثل دولة الاحتلال “الإسرائيلي” في الجائزة الكبرى لمدينة أكادير لرياضة “الجودو” التي نظمها المغرب بشراكة مع الفيدرالية الدولية للرياضة 2018.

وكانت المفاجأة الكبرى اكتشاف استضافة كوادر “إسرائيلية” لمغاربة وأجانب تحت إشراف معهد ألفا “الإسرائيلي” لتدريب حراس الشخصيات، ولم تقف المفاجأة عند هذا الحد، في أوج تحقيق السلطات مع مدير المعهد ومحيطه، بل أعلن عبد القادر إبراهيمي مدير المعهد موعدا لدورة تدريبية يشارك فيها قائد “إسرائيلي” بداية ماي المقبل.

مطبع مع إسرائيل.. لا علاقة مع الصهيونية

وقال عبد القادر إبراهيمي مؤسس معهد ألفا “الإسرائيلي” لتدريب حراس الشخصيات، “أنا لا أقوم بعمل استفزازي، ولا يوجد قانون مغربي يجرم التطبيع مع “إسرائيل”. وزاد “حضور الخبير “الإسرائيلي” والي هسكيا، إلى المغرب في الأيام القليلة المقبلة هو بمثابة تبرئة لي حول مزاعم تدريب أمازيغ وتشكيل ملشيات وغير ذلك”.

وأضاف إبراهيمي في تصريح لجريدة “العمق” أنه قد أشعر السلطات باستضافته للخبير “الإسرائيلي”، وأنه مدهم بنسخة من جواز سفره، موضحا أن معهده سوف يفتح الدورة التدريبية لأول مرة أمام الصحافة من أجل تصوير الدورة ومحاورة المتدربين، مشيرا إلى أنه ليست هذه أول مرة سيستضيف فيها المعهد طاقما “إسرائيليا”، بل يقوم بذلك منذ سنتين.

وأضاف “لا علاقة لنا مع الصهيونية، ولا نناقش القضية الفلسطينية “الإسرائيلية” أصلا، لكن حديثنا حول المجال الأمني فقط”، وزاد “أنا مطبع مع “إسرائيل” فيما ينفعنا في مجال التدريب، ومن عنده مشكل مع “إسرائيل” فعليه مغادرة الفيسبوك واليوتيوب والتحلي عن العديد من التجهيزات الالكترونية والمواد الغذائية، ومن أراد تحرير فلسطين فليذهب إلى هناك”.

وأوضح إبراهيمي أن الهدف من تأسيس المعهد هو الرفع من قدرات وكفاءات الأمن الخاص في المغرب والوصول به إلى مستوى أكاديمي عال، موضحا أنه كان الغرض أيضا هو أن يساهم الأمن الخاص في حماية البلاد، ممثلا بفرنسا التي قال إنها استوعبت أن الأمن الخاص يحافظ على الأمن الوطني ويساعد في حماية المؤسسات.

وأشار المتحدث إلى أن المغاربة تعايشوا مع اليهود منذ القدم، موضحا أن الشعب المغربي واع اليوم ولم تعد عنده تلك الصورة السابقة عن “إسرائيل”، قائلا “أنا كنت أخاطب الشباب الذين يريدون الشغل ومن لهم طموحات للاشتغال خارج المغرب من أجل التكوين”، مشددا على أنه يشتغل وفق إطار قانوني بمعهد قانوني تعلم به السلطات المختصة.

“التطبيع داخل فينا حتى العظم”

ورأى سيون أسيدون عضو حركة “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على “إسرائيل”، أن التطبيع أوسع بكثير مما يمكن تصوره لأنه يمارس في الخفاء، قائلا “التطبيع داخل فينا حتى العظم”، مستدلا بكون طائرات F16 واليات الكترونية حساسة، والطائرات بدون طيار، والأجهزة الالكترونية، والبذور الزراعية.. التي نشتريها كلها من “إسرائيل”.

ووصف أسيدون في تصريح لجريدة “العمق”، مسألة التطبيع بـ”اختيار دولة”، موضحا أن المغرب هو رئيس “لجنة القدس”، وبالتالي يجب أن تكون اختياراته منسجمة مع هذا المنصب، مشيرا إلى أن هناك إمكانيات بديلة متاحة لشراء الطائرات والأسلحة والتجهيزات الالكترونية والبذور الزراعية من دول أخرى.

وأكد أسيدون أن الشركات “الإسرائيلية” النشيطة بالمغرب ومقرها بالقدس هم من يجهزون بطريقة أو بأخرى مرافق حيوية بالمغرب من الأسلحة مرورا بالتجهيزات الالكتروني وانتهاء بالبذور الزراعية، موضحا أن من شأن ذلك أن تتحكم “إسرائيل” في سيادة المغرب على أسلحته.

وفي ما يخص معهد ألفا “الإسرائيلي” لتدريب حراس الشخصيات والحماية القريبة، تساءل الناشط في مجموعة “BDS المغرب”، أليس بمقدور المغرب الذي يدرب الجيوش والقوات في أفريقيا أن يدرب حراس الشخصيات والحراس الخاصين، حتى يتم اللجوء إلى ضباط “إسرائيليين”؟ مشددا على أن “إسرائيل” أسست لها فرعا بالمغرب.

وأوضح المتحدث ذاته، أن السلطات المغربية تعرف جيدا عن موضوع دخول التمور “الإسرائيلية”، وأن ذلك اختيارها، مشيرا إلى أن مصالح الدوامة تعرف جيدا ماذا يدخل إلى المغرب، القانوني منه وغير القانوني، مشيرا إلى أنه أمام هذه الصورة العامة فإن التطبيع يبدو كأنه يتوسع يوما بعد يوم وبأنه حان الوقت لتقويم الاعوجاج.

التواجد “الإسرائيلي” يشكل تهديدا للمنطقة

وقال سليمان صدقي، المنسق الوطني للمبادرة الطلابية ضد التطبيع والعدوان، إن إعلان استضافة “صهاينة” بشكل علني يرمي إلى إضفاء الشرعية على التطبيع وأنشطته، موضحا أن المغرب انتقل إلى مستويات جديدة من التطبيع حيث أصبح التواجد “الإسرائيلي” يشكل تهديدا لأمنه.

وأضاف الناشط المدني أن خطوة معهد ألفا “الإسرائيلي” لتدريب حراس الشخصيات، استضافة ضابط “إسرائيلي” خلال الأيام المقبلة، يكتسي ما سماه بـ”الطابع الاستفزازي” وتهديدا للأمن القومي المغربي، موضحا أن قضية التطبيع تم تجاوزها إلى مستويات أوسع.

ورأى صدقي أن هناك عدة مؤشرات ترسم صورة جديدة في ما يتعلق بالتطبيع باعتباره تهديدا لأمن المنطقة، موضحا أن من ذلك اغتيال فادي البطش في ماليزيا، واغتيال محمد الزواوي في تونس، واغتيال محمود المبحوح في الإمارات، والقبض على خلية صهيونية للتجسس في الجزائر، قائلا “لا ندري ما يخططون له في المغرب”.

وتساءل صدقي هل معهد ألفا “الإسرائيلي” لتدريب حراس الشخصيات ذاهب في الاتجاه الاستخباراتي؟ موضحا أن المشرفين على المعهد هم من يتوجب عليهم الإجابة عن هذا السؤال، مذكرا بمجموعة من الأنشطة التي تؤشر بتغييرات جديدة ومنها استضافة “صهيوني” في أماديوس بطنجة، واستضافة وزير الدفاع الصهيوني السابق، عامير بيريز بالبرلمان، وعزف ورفع العلم “الإسرائيلي” بأكادير وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *