منتدى العمق

التاريخ علم المغاربة وجعلهم أكثر وعيا وأقدر على اتخاذ الخطوات المناسبة.. ملحمة المقاطعة

التقيت اليوم بصديق عزيز يعمل مع شركة سنطرال أثناء جولتي بالسوق، فسألته عن أحوال الشركة وهل هناك مقاطعة فعلية! وهل الشعب جاد في حملته؟ وكم نسبة تراجع مبيعات الشركة ؟ الثلث أم الثلثين؟ فأجابني بكل صدق أن الحملة ناجحة وقوية، وأن خسائر شركة سنطرال كبيرة جدا، ومبيعاتها تراجعت بمعدل خمسين في المائة، وأن الشركة ما لم تخفض أثمنة منتوجاتها فإفلاسها وسقوطها أصبح مسألة وقت.

وبالتالي فالمعركة هي معركة تحمل وصمود بين قطبين، بين قطب الإحتكار والرأسمالية المتوحشة والشركات الجشعة التي تعتبر المواطنين مجرد أرقام وقطيع ومداويخ، وبين قطب الشعب الذي تبخرت أحلامه يوم عشرين فبراير، حين خرج للمطالبة بالعدالة الإجتماعية وتحسين ظروف العيش، فتم إقبار حلمه تدريجيا.

الشارع المغربي وصل إلى نتيجة مفادها أن المعركة اليوم في المغرب هي معركة إقتصادية ضد لوبيات وشركات زاوجت بين المال والسلطة، وأن تأثير هذه المعركة كشف الأقنعة عن بعض السياسيين والزعامات التي كنا نعتقد في الأمس القريب أنها تدافع عن حقوق الشعب وأنها خرجت من صلبه، فإذا بها تهدده اليوم بالمتابعة القضائية إن هو قاطع منتوجا فوق قدرته الشرائية، مع العلم أن هذا الفعل النضالي سيساهم في خلق تنافس بين الشركات والمقاولات الوطنية وهو ما يصب في صالح الإقتصاد الوطني.

ويحق للشعب المغربي أن يفتخر بما حققه من مكتسبات، ولعل مكتسبه الأكبر هو تنامي الوعي، فأصبح المواطن المغربي اليوم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي على علم بما يدور في دهاليز “صناع القرار” من لعبة سياسية تدار عليه أكل الدهر عليها وشرب.

وسيسجل التاريخ مراحل نضالات المغاربة التي ابتدأت في القرن العشرين بالمقاومة المسلحة ضد المستعمر، لتتحول للنضال السلمي والسياسي مع الحركة الوطنية، ونشهد في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين شكل جديد من أشكال النضال ألا وهو النضال الإقتصادي، والتجارب التاريخية أثبتت نجاعته، ولكم أن تعودو لتجربة غاندي ضد الشركات البريطانية، وتجربة الشعب التونسي والجزائري في حملتيه (خليه ينتن وخليها تصدي..).

فكل التحايا للشعب المغربي الصامد الذي أبان عن وعيه، وأوصل صداه للعالم أجمع أنه شعب حضاري يخوض ثوراته بكل سلمية، ولا يرضى بأن تمس أو تهان كرامته أو يُخوًنَ لمطالبته بأدنى حقوقه في العيش.

وما ضاع حق ورائه طالب; والسلام.

#خليه_يريب
#مقاطعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *