سياسة، ملف

متخصصون: قرار تقاضي جمعيات المستهلكين “معطوب ويخدم الباطرونا”

في عز حملة مقاطعة عدد من المنتوجات الاستهلاكية، صدر قرار مشترك بين وزارة العدل ووزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، يسمح لجمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة باللجوء إلى القضاء دفاعا عن المستهلك.

وبعد انتظار مرور خمس سنوات، ظفرت الجمعيات والجامعات بسلاح التقاضي، لكنها تؤكد في تصريحات قيادييها أنها اكتشفت أن الأمر يتعلق بـ”سلاح معطوب ولا يعين على إصلاح السوق المتسم بممارسات لا تخلو من غش وتدليس وغرر واحتكار وجمع بين سلطة المال والثروة”.

ووجدت الجمعيات المعنية بحماية المستهلك أن القرار يرهن قضية التقاضي بموافقة وزارة العدل بتنصيصه على أنه “تقوم السلطة المكلفة بالعدل بمنح الإذن الخاص بالتقاضي أو رفضه، بعد توصلها برأي السلطة أو السلطات الحكومية الوصية على قطاع النشاط المعني”.

الحكومة متوجسة 

وفي هذا الصدد قال وديع مديح الخبير في قانون حماية المستهلك، إن “القرار لم يمنح جمعيات حماية حقوق المستهلك بعد حق التقاضي، وإنما يتحدث عن كيفية إيداع جمعيات حماية المستهلك طلبات عند وزارة العدل للحصول على الإذن الخاص بالتقاضي”.

وأوضح مديح أن القرار يبين أن الحكومة متوجسة من منح الجمعيات حقها في التقاضي المباشر، مشيرا إلى أن القرار لن يمكن الجمعيات من التقاضي، مشددا على أنه حين تحصل الجمعيات على ذلك الحق ستتمكن من إصلاح اختلالات السوق المغربية.

وطالب الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك الحكومة، بإصلاح القرار بشكل يضمن للجمعيات حق الترافع والتقاضي بشكل عفوي، قائلا “هذا القرار غير مفهوم، ولم يتم إشراكنا في اتخاذه لكننا، نحن مجبرين على التعامل معه”.

ورأى مديح أن حملة المقاطعة عجلت بإخراج القرار الذي انتظرته الجمعيات منذ 2013، كاشفا عن جمع الجمعيات لملفات من أجل إيداع طلبات عند وزارة العدل للتعرف عن التطبيق الفعلي للقرار، موضحا أن الجمعيات تعمل على حل مشاكل المستهلكين بعيدا عن القضاء.

القرار حماية للباطرونا

بدوره، اعتبر الناشط المدني عبد العالي الرامي، أن منح الإذن الخاص بالتقاضي هو “قرار معطوب”، قائلا “يجب أن يمنح لجمعيات حماية المستهلك حق الترافع والتقاضي بشكل ميكانيكي”، موضحا أن هذا القرار لا يعطي الحق كاملا لجمعيات.

وأكد رئيس الرابطة الوطنية للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، أن القرار يوفر الحماية للباطرونا في مقابل المستهلكين، موضحا أنه يجعل جمعيات حماية المستهلك تحت رحمة الإدارة باعتبارها الجهة التي تمنح الإذن بالتقاضي.

ورأى الرامي أن التقييدات التي يفرضها مثل هذا القرار لا يمكن أن تزيد بالعمل الحقوقي بالمغرب نحو الأمام، مطالبا أن يكون حق التقاضي حقا لكل الجمعيات المدنية والمعنية بالدفاع عن المستهلك والمواطنين.

وتأسف الناشط الجمعوي من أن هذا القرار سيساهم في الحد من إمكانيات جمعيات حماية المستهلك، معتبرا القرار “مقدمة” يجب السعي لتطويرها في اتجاه منح صفة الترافع والمنفعة العامة كحق طبيعي لجمعيات حماية المستهلك.

لا يخدم المستهلك

عبد المالك بنار رئيس فيدرالية الجنوب لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، هاجم القرار المذكور، معتبرا أنه “لا يخدم مصلحة المستهلك”، قائلا “كنا ننتظر هذا القرار منذ مدة وقد عجل سياق المقاطعة لبعض المنتوجات الاستهلاكية، بصدوره لكننا لا نريده بهذه الصيغة”.

وأوضح المشرف السابق على مصلحة مراقبة الأسعار بولاية أكادير، أن الحكومة اتجهت في من خلال هذا القرار إلى إعطاء ضمانات للموردين والتجار والمقاولات على حساب المستهلكين وجمعيات حماية المستهلكين.

وطالب بنار بضمان أدنى حد لممارسة حق الدفاع عن المستهلك، موضحا أن الأولى هو منح صفة المنفعة لجمعيات حماية حقوق المستهلك التي تخول صفة التقاضي المباشر للجمعيات عوض هذا القرار.

وقال الناشط في مجال الاستهلاك “إننا غير راضين عن هذا القرار بهذه الصيغة رغم قبوله كمبدأ عام”، موضحا أن القرار طال انتظاره لكن ليس بهذه الصيغة، مشددا على ضرورة إعادة النظر في القرار.

مسار التقاضي مشروط بإذن 

وينص القرار على أنه يتعين على كل جمعية لحماية المستهلك، غير معترف لها بصفة المنفعة العامة وترغب في الحصول على الإذن الخاص بالمقاضاة ويكون غرضها حصرياً هو حماية المستهلك، أن تودع طلباً لدى مكتب الضبط المركزي لوزارة العدل.

ويؤكد القرار على أنه يمنح الإذن الخاص بالتقاضي بقرار لوزير العدل داخل أجل 60 يوما، ابتداء من تاريخ إيداع الطلب، وذلك لمدة ثلاث سنوات، ويبلغ هذا القرار للجمعية المعنية داخل أجل 15 يوما من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية.

وفي حالة رفض منح الإذن الخاص بالتقاضي أو رفض تجديده، يبلغ هذا القرار معللا للجمعية المعنية داخل أجل 15 يوما من تاريخ صدوره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *