وجهة نظر

منطق المجتمع ومنطق المقاولة وورطة الحكومة

للمجتمع تفاعلاته الخاصة وله أيضا ردود فعل تخصه وحده. حينما عشنا العبث الكبير عقب انتخابات السابع من أكتوبر، وشاهدنا جميعا كيف أخرج لنا “التلامذة السحرة المسيطرون…” من قبعتهم السحرية “مقاولا” حدثنا عن “سوق السياسة” وقال لنا حينها بالفصيح الصريح “إن السوق واضح”، فتبين للمغاربة أن ديموقراطيتهم قد أصبحت رهينة “لرأس المال”، وزاد من تأكيد هذه الحقيقة مسار ما بعد الإعفاء، وما أعقبه من هجوم كاسح “للهوالدينغ” السياسي ومديره العام الذي أطلق “مسار الثقة” باعتباره عنوانا يلخص هيمنة السوق على السياسة ومحاولة إخضاع المجتمع لمنطق المقاولة.

وخلال كل هذا العبث الكبير لم ينتبه “التلامذة السحرة المسيطرون” ولا “الخدم” إلى المجتمع، واعتبروا سكوته علامة الرضا وكأنه بكر خجلى، ولم يهتموا إلى حالة الإحباط التي عمت فئات واسعة من المواطنين الذي استهجنوا سيطرة أصحاب السوق وتعاليهم وعدم تمييزهم بين المقاولة والوطن.

وكان من آثار كل ذلك أن انتبه كثير من الناس أن صوتهم لن يسمع إلا من خلال السوق، وتبين لهم أن الحديد لا يفله إلا الحديد، ورأس المال لا يقهره إلا المال، وتحرير السياسة من هيمنة السوق لن يمر إلا عبر السوق نفسه. تلكم كانت ردة فعل المجتمع ومنطق تعاطيه مع العابثين بإرادته.

اليوم لا شك أن الحكومة في ورطة التفاعل مع مجتمع لا يأبه كثيرا بتفاصيل المقاطعة، ولا يهتم لآثارها، فهمه الوحيد هو أن يثبت أنه هو وحده صاحب الأمر كله، فإن أراد الحياة خارج السوق فلا بد أن يستجيب القدر.

مؤكد اليوم أن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية للمقاطعة تزداد ارتفاعا، ومؤكد أيضا أن مسؤولية الحكومة تقتضي منها البحث عن حلول ومنافذ إغاثة، لكن ما عندي آكد من كل هذا هو أن أصل الداء كان ولا زال هو ذلك العبث الكبير بإرادة المجتمع وذلك الإستعلاء المدثر بالمال والسلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *