الأسرة، مجتمع، ملف

“العمق” تكشف الوجه الآخر لـ”كازا نيكرا”..دعارة وتشرد وحانات تنشط ليلا

الساعة تشير إلى الواحدة ليلا، مركز المدينة المليونية بدأ يخلو من مرتاديه رويدا رويدا، ليكشف عالم الليل عن أنيابه، فخلف هدوء العاصمة الإقتصادية ليلا، تختبئ قصص أبطالها متشردون وبائعات هوى وشواذ حتمت عليهم نظرة المجتمع المغربي، تفادي الظهور نهارا، ليصبحوا من السكان الأصليين لـ”الظلام”.

متشردون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء

يتخذ مجموعة من المتشردين، من شوارع البيضاء مسكنا لهم، يجوبون الأزقة ليلا متمسكين بالأغطية البالية وبالعلب الكرتونية التي تقيهم قساوة البرد.

حميد متشرد يبلغ من العمر 18 سنة، ما إن لمحت عيناه تقدمنا صوبه بخطوات، ركض فارا وملامح الخوف تظهر على وجهه، وبعد محاولات عديدة فاشلة، اطمأن قلب حميد وقرر أن يفتحه لـ”العمق”.

يقول : “إنني أنحدر من حي “البرنوصي”، أبي وأمي توفيا، فوجدت نفسي جزءا من حياة الليل بالبيضاء”.

وأضاف: “أقتات من بيع بقايا القمامة، وقد اضطررت للفرار من المركز الإجتماعي “دار الخير” بتيط مليل، لأنني تعرضت للتعذيب، وكنت منبوذا بين الآخرين لأني لم أكن أتوفر على علبة للسجائر”.

أما آخرون ففضلوا الصمت، واكتفوا بالتحديق في وجوهنا، والصراخ بين الفينة والأخرى من أجل إثارة خوفنا، ليركضوا بعيدا فور مرور دراجات “أصحاب الوقت”.

شارع محمد الخامس وكر للدعارة..ومجمع نساء يقاومن الحاجة

لم تجد فاطمة مناصا من التخلي عن امتهان الدعارة، بالرغم من كبر سنها، وبنيتها الضعيفة ووجهها الشاحب الذي تبدو عليه ملامح الفقر والحاجة.

تقول فاطمة: “إنني أم لولدين، ومضطرة لممارسة الجنس من أجل ضمان قوتي اليومي، خاصة وأنني لم أحظ بفرصة عمل، تحررني من هذا المستنقع”.

وأضافت: “إني أكتري غرفة بحي شعبي يصل ثمنها إلى 400 درهم شهريا، وإن لم أدفع هذا المبلغ فسيقدم صاحب الغرفة على طردي إلى الشارع رفقة أبنائي”.

وبينما تشتد المنافسة بين بائعات الهوى بشارع “محمد الخامس”، تصل إلى مشادات كلامية أحيانا، يقرر أخريات توزيع ابتسامتهن لإثارة الزبون إليهن.

بعضهن يفضلن الحصول على القسط الأول من المال، خوفا من فرار الزبون بعد إشباع غريزته الجنسية، والبعض الآخر لا يبالي بل يسابق الزمن من أجل إقناع الزبون بقضاء ليلة رفقتهن.

بلباسها المثير توجهت إحدى الفتيات، إلى الشارع محاولة إبراز مؤهلاتها الجسدية، لإصطياد فريستها، حاولنا التقرب منها لكشف البعض من تفاصيل هذا العالم، غير أنها رفضت التحدث عن الموضوع بصفة نهائية ولم تعرنا اهتماما.

أفارقة تائهون

بعد فقدانهم الأمل في إيجاد فرصة عمل، وبعد يوم متعب وشاق من التجول، قرر ثلاثة شباب أفارقة التخلي عن أحلامهم الحلوة والإستسلام لواقعهم المر.

يقول عبدو: “إننا ننام بالمحطة الطرقية، وما إن نلمح طلوع الشمس، حتى نتجه لمركز المدينة بحثا عن عمل، لكن بدون جدوى”.

وأضاف: “إننا نحب المغرب كثيرا وسنواصل البحث عن فرصة عمل، بالرغم من عدم توفرنا على أوراق الإقامة، لكننا لن نستسلم، وبالنسبة إلينا فشوارع البيضاء ليلا أكثر هدوء وسكينة”.

الحراس الليليون في مهمة صعبة

مهمة الحراس الليليين بأزقة البيضاء ليست بالسهلة، فهم مضطرون لحماية ممتلكات الغير وتحمل المسؤولية.

يقول حارس ليلي: “قد يغالبني النعاس أحيانا، لكنني لا أستسلم له، فالليل عالم خاص، ويتوجب علينا ترقب الخطر في أية لحظة، كما أنني أتجند بـ”زرواطة”، لكي أقوم بمهمتي على أحسن وجه”.

كما تعرف البيضاء ليلا نشاطا آخر، يهدف من خلاله أصحابه إلى الربح، إذ تنتظر سيارات الأجرة أمام الحانات وملاهي الليل، خروج مرتاديها لتأخذهم إلى وجهتهم مقابل أجر مادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *