منتدى العمق

“باب برد المنسي” .. قطعة من الوجدان

على طول الطريق الرابطة بين مركز الدردراة و مركز باب برد، شردت بخيالي بعيدا و أنا أستمتع بمناظر طبيعية قل نظيرها و التفكير يأخذني حيث يوحد الإنتماء الأرض التي انغرست فيها جذوري و أصولي و لولا الظروف لكنت من ساكنتها ، و على الرغم من المنعرجات الخطيرة إلا أن الأجواء الساحرة تغطي على خبث و قبح بعض البشر .

عند مدخل البلدة يصادفك الشارع الرئيسي الشبه المنكوب فهو الأقرب في شكله و حالته البالية الى أحد شوارع مدينة حلب أو دير الزور السوريتين ، بمجرد ما تصل إلى هناك تلمح تهميش و إقصاء غير مفهوم لا يمكن للعقل و المنطق تحليله أو محاولة فهمه ، لعل باب برد تدفع ثمن ضريبة ما أو شيء اقترفته في زمن ما ، لك أن تتخيل أن معاناة ساكنة بأكملها تتلخص في أبسط الحقوق المكفولة بمواثيق دولية من تعليم و صحة و عدالة إجتماعية و بنيات تحتية أساسية حيث نجد في المقابل أن المجتمعات التي يحترم ساستها و مسؤوليها شعوبهم يعملون بكل ضمير حي و تفاني و مسؤولية من أجل توفير الضروريات و الكماليات على حد سواء .

في باب برد هناك مستوصف وحيد خال من كل ما له علاقة بالصحة و التطبيب و الإنعاش و الإنقاذ، فالمريض الوافد إليه لا يجد سوى جدران تعيد صدى أنينه و وجعه كتطبيق للجملة الشهيرة لا حياة لمن تنادي لأن الأمانة و الضمير المهني غائبان إن لم نقل أنهم في عداد الموتى ، في بلدتي كل شيء غير متوفر أو مغيب بالإكراه لا شيء يدل هنا على أن الحياة صالحة للعيش حتى الذبيحة هنا سرية لأنه لا وجود لمكان تتم فيه وفق شروط السلامة الصحية لأني و منذ زيارتي سنة 2011 و أنا أسمع أن هناك مشروع لبناء مذبح في البلدة لتبقى مجرد إدعاءات فقط ، بالاضافة الى غياب محطة طرقية باعتبار أن الطريق هي وطنية تربط مدينة طنجة بالجهة الشرقية إلا أن حركة السير فوضوية بشكل كبير خصوصا إن صادف يوم السوق الأسبوعي ، على الرغم من الإحتجاجات و المطالب المرفوعة إلى الجهات المسؤولة ظلت الأوضاع على حالها لا جديد يذكر و لا تغيير ملموس على أرض الواقع ، كلها وعود فارغة يسمع صداها كلما اقتربت الاستحقاقات الإنتخابية و كأن باب برد و ساكنتها لا يعرف لهم وجود إلا في الحملات الإنتخابية البرلمانية و الجماعية ، و بعدها تطوى معاناتهم و تعاد إلى رف التهميش و النسيان ، أي ذنب اقترفتي يا بلدتي حتى تكالب عليك الجميع ، مجالس جماعية تعاقبت ،نهبوا ما استطاعوا و تركوا مغارة كنوزك فارغة و كأننا نجسد رواية باب برد و الأربعين حرامي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *