منتدى العمق

واقع المقاولة الصحفية والإعلامية بالمغرب

المقاولة الصحفية تمزج بين المشروع الصحفي الذي يهدف إلى إيصال الخبر و المعلومة إلى الجمهور و بين الرؤية التجارية الناجحة التي تسعى إلى الحفاظ على القارئ من خلال الإشتغال وفق قواعد تنظيمة محددة التي تؤطر عمل المقاولات المهيكلة -في أغلبها-

و خصوصية عملها أن منتوجها غير قابل للتخزين و سريع الكساد، تنتهي صلاحياته بتقادم الخبر في ظل ضعف المقروئية و صعوبة الوصول إلى المعلومة.

و تعتمد صناعة الصحافة أساساً على إبداع العنصر البشري ، حيث يتزاوج الفكر مع المادة الخام ليقدم في النهاية هذا المنتج الذي يسمى الصحيفة و يلعب الصحفي أدواراً عدة أولها التحقيق الصحفي في القضايا التي تهم المجتمع و تحليل القضايا المعقدة و مناقشة السياسة العامة.

وثانياً تزويد الجمهور بالمعلومات بسرعة مع الإمتناع عن نشر القصص التي لا تستند الى وقائع حقيقية.

هذا الموقع الإلكتروني أو القنوات الإلكترونية ، و راديو الويب الذي يزودك بنشراته في كل وقت و حين ، و بأخباره المصورة تقرأ أو تسمع أو تشاهد و أنت جالس باسترخاء على مقعد وثير في منزلك عبر هاتفك الذكي ، أو مغتنم فترة راحة في مكتبك ، أو مستغل وسيلة النقل العامة في تنقلاتك ـ هل تدرك مدى الجهد المبذول ـ في هذه الوسائل ، في الإلتقاط و التنقيب و الإعداد و التصوير و التصويب و التنقيح و الطبع و التقديم؟

و هل تعلم كيف تتجمع الأخبار المتنوعة و التحقيقات الغنية أو الضحلة و الصور الممتعة أو الموجعة ، و الأقلام المتناغمة أو المتنافرة، لتوفر لك مادة اعلامية دسمة مستمرة؟

وهل فكرت مرة في مدى الارهاق المضني و القلق المتلف للأعصاب ، و الصداع المتشبث باطراف الرأس ، و التحديق المضعف للنظر لكي تجئ هذه المادة الاعلامية على نحو يرضي ميولك ، و يشبع نهمك و يضعك في صميم العصر الذي تعيش فيه؟

ومع التطور التكنولوجي، اصبحت الصحافة الوسيلة الاساسية للتبادل و التواصل في المجتمعات البشرية المكثفة ، ولم تعد الصحافة بعدما اصبحت جماهيرية، منبراً لهذا أو لذاك، وانما هي حوار الفرد مع الجماعة و حوار الجماعة مع الجماعة. السياسي يتوسلها لمخاطبة ناخبيه ، و الكاتب لمخاطبة قرائه، و المطرب أو الفنان لمخاطبة المعجبين . و تأتي الأجوبة الى هؤلاء من هنا وهناك ناقلة اصداء الموافقة او الرفض . واصبح في إمكان الانسان المغمور تماماً أن يسمع صوته كأي نجم مرموق أو وزير معروف . بالاضافة الى نقل الاخبار و الاحداث و الغرائب من اقاصي العالم .فحركة الكون الهائلة كضجيج الحي الصغير في مدينة أو في قرية ، وما هو عام شامل كما هو فردي بحث، و الحدث الذي يدهش بغرابته كالحدث المبتذل تماماً : جميع هذه المتناقضات تكون مادة الإعلام.

بعد عشر سنوات من تحرير الإعلام المغربي من قبضة الجهات الرسمية، وفتح باب الاستثمار الخاص فيه، إلّا أنه لا يزال يعاني من الفوضى وارتباطه بالجهات الرسمية، إضافة إلى افتقاره للمهنية والإبداعية التي جعلت وسائل الإعلام تقدم برامج متشابهة، لا ترقى بالجمهور ولا بذائقته ووعيه.

لازالت المقاولة الصحفية في المغرب تواجه مشكلة التوازن بين تقديم منتوج صحفي يلبي تطلعات القارئ و يقدم في الوقت ذاته رسالة إعلامية إجتماعية نبيلة، وبين الإستفادة من مداخيل الإعلانات بشكل أفضل يضمن لها التطور و الإستمارية.

نمط ملكية الصحيفة يؤثر على عمل الصحفي في القيام بدوره في تشكيل المضمون المقدم للجمهور لذا نجد أن الكثير من الصحفيين يعتبرون أنفسهم موظفين في بروقراطية جمع الأنباء فهم لا يعبرون عن أفكارهم بل يقومون بالتعبير عن أفكار صاحب المؤسسة الأعلامية وينتهجون نهجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *