وجهة نظر

“خلف الباب”.. من وحي وقفة الكرامة بتزنيت الصامدة

بعد ربيع الصِّحة الهادر، انطلق بتزنيت الصامدة ربيع الإدارة التربوية، بوقفة تاريخية هبَّ إليها مديرو ومديرات الجهة، في حجافل ووفود، لإدانة العقليات القروسطية التي لا زالت تحِنُّ إلى عصر الجمر والرصاص، وتستدعي أساليبه الغارقة في التغطرس، والتجبر، والاستبداد، .. للاستحواذ، والاسترقاق، وترغيم الأنوف والهامات !

“تيزنيت اليوم” تقدم النموذج في الممانعة والرفض؛ تتقدم الجموع، وترفع منسوب النضال حبَّتيْن، لتُعلنها صرخة مدوية في أصقاع الجهة، وعبر ربوع الوطن: لا للحكرة، لا للاستبداد، لا للاسترقاق، لا للاستبلاد، لا للاستحمار، … وهلمَّ لاءاتٍ ضجت بها حناجر عشرات نساء ورجال الإدارة التربوية الذين حجوا إلى وقفة الكرامة ليعلنوها، أمام أبواب المديرية المقفلة بإحكام، صريحة، مدوية، واضحة، لا لُبس فيها ولا غموض: كفى ! كفى !!، فقد بلغ السيل الزُّبى، وما عاد في النفس بقية من صبر، وقد احترقت أنَّاتها، وتَيَبَّست في مُقَلها عَبَرات السنين الراكدة !..

قالها المديرون والمديرات قوية صادعة في وجه القابع خلف ذلك الدمار العنيد، المتوجس خوفا ورهبة من رجال ونساء عُزَّل هبوا ليُسمِعوا صوت الحق مَنْ بأذنه صمم !!.

خوف، وارتياب من انفلات قد يجنح إليه الحجيج المبارك، فيحتل الكرسي الوثير، أو قد ينزع مَن عليه من القواعد فيصير هباء منثورا !.

خوف هُلامي، لا أصل له ولا مبرر، ينتاب قبيلة المستبدين كلما دُعوا إلى الحساب، أو حَلَّ بساحِهِم غضب المستضعفين، فلا يجدون من بُدٍّ، ولا مناص، خَلَا الاختباء عن الأنظار والعيون، في استدعاء صَبَويٍّ لحالة نفسية طفولية عفوية تحل بالبراءة حينما “يتعطل العقل” لتسير القدمان إلى خلف الباب..(للاختباء) !!

إنها البراءة و”قلة العقل” ما يحيل هذه الطفولة إلى هذا المكان (خلف الباب)، وهو نفسه (أي الباب) الذي يظهر في مشهد “الكبار” ليؤدي ذات الوظيفة.. وظيفة الاختباء لاتقاء الخطر المحتمل.

فبدل أن يختبئ المسؤول العاقل خلفه، يقفله وراءه بإحكام زائد، مؤشرا على حالة نفسية غير عادية، لا تقل عن حالة ذلك الصبي الذي يفر من عقاب والده أو والدته فتهديه قدماه، في تلقائية مقصودة، إلى خلف الباب !!.

فالباب في كلتا الحالتين قاسم الخوف المشترك. غير أن الخوف في الحالة الأولى خوف طبيعي وعادٍ، بيْد أنه في الحالة الثانية خوف استثنائي، ويحمل أكثر من دلالة !!.

+++++++++++++

لم يتردد أشاوس تيزنيت لحظة واحدة أن يصيغوا بيانا فريدا، قويا، واضحا، ويسموا الأشياء بأسمائها الحقيقية، دون تردد، ولا مواربة، ولا تلاعب بالألفاظ والعبارات،…فكان بيانا مُؤسِّسا، ومرجعيا، ومن عمق اللحظة نضح بالحق الذي يأبى اللَّفَّ !.

بيانٌ فهم منه من يهمهم الأمر، أن القادم عصيب، وأن هذه “العصابة” تنوي على سوء، وأن حياة العرين في خطر، ولا مفر من هديرها القادم إلا بإحكام الباب، وانتظار مرور الإعصار.. وبعد ذلك لكل حادث حديث !.

إنه مشهد سوريالي عجيب، يحضر فيه الباب بخلفيته السيميائية، ورمزيته المعبرة، ليفضح، من خلال سلوك اعتباطي غير محسوب، ما يُكِنه الصدر، وتخفيه الأعين عن الأعين !..

إنها بداية النصر.. !

دمتم على وطن.. !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *