مجتمع

نزيف “سانية الرمل” يتواصل .. تعطل “السكانير” يفاقم معاناة المرضى

يعيش المستشفى الإقليمي “سانية الرمل” بتطوان، على وقع تعطل واحد من أهم الأجهزة الطبية بالإقليم، وهو جهاز المساح الضوئي الطبي المعروف بـ”السكانير”، منذ أزيد من أسبوع، ما زاد من معاناة المرضى والأطقم الطبية على حد السواء، في حين تزايد الضغط على هذا الجهاز بالمستشفى الإقليمي محمد السادس بالمضيق.

ويأتي تعطل الجهاز الرئيسي بالمستشفى، ليزيد من تفاقم أوضاع أكبر مؤسسة صحية على مستوى إقليم تطوان، في ظل الخصاص الذي يعرفه المشفى على مستوى الأدوية والمستلزمات الطبية وعلى مستوى الموارد البشرية من أطقم طبية وتمريضية وإدارية، وهو ما جعل الأطباء يخوضون احتجاجات متكررة.

مصدر طبي مطلع من داخل المستشفى، قال لجريدة “العمق”، إن تعطل جهاز “السكانير” جاء نتيجة الضغط الكبير عليه، معتبرا أن هذا العطل “يزيد من تأزيم الوضع الصحي بالإقليم، والذي يعرف أصلا تدهورا كبيرا بسبب غياب الأدوية والمستلزمات الطبية”، لافتا إلى أن إصلاحه يحتاج إلى جهاز من الخارج.

وأوضح المصدر أن تعطل هذا الجهاز خلق ارتباكا كبيرا في المستشفى، على اعتباره أن أغلب الفحوصات الطبية تمر عبر “السكانير”، لافتا إلى أن الأطباء أصبحوا في حيرة بخصوص الحالات المستعجلة، خاصة بقسمي الإنعاش والمستعجلات، ما يضطرهم إلى نقلهم لمستشفى المضيق، مردفا بالقول: “أصبحت هذه الأعطاب تتكرر كثيرا”.

وكانت الوضعية التي يعيشها القطاع الصحي بمدينة تطوان، قد دفعت أطباء المستشفى الإقليمي “سانية الرمل” إلى الخروج للاحتجاج مرارا، تعبيرا عن غضبهم من توقف تزويد الإقليم بالأدوية والمستلزمات الطبية، وهو ما تسبب في تأجيل عمليات جراحية وتزايد معاناة المرضى، فيما وجه المحتجون “نداء استغاثة” إلى الحكومة والوزارة الوصية، من أجل التدخل لـ”إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

“نزيف متواصل”

البرلمانية مريمة بوجمعة، أوضحت أن تعطل هذا الجهاز “خلق عنتا شديدا للمواطنين والأطباء على السواء”، مشيرة إلى أنها لفتت أنظار وزير الصحة والمدير الجهوي للصحة إلى خطورة الموضوع، حيث أكد المدير الجهوي أن مستشفى تطوان سيتلقى يوم الاثنين المنصرم، الجزء من الجهاز المسبب للعطب، على أساس بدء الاشتغال في غضون أمس الأربعاء.

وأضافت أنه لحد الآن وبعد زيارة المستشفى أمس الأربعاء، لا زال الجهاز معطلا، فيما تكتفي إدارة المستشفى بالقول: “سنعمل على إصلاحه في القريب العاجل”، لافتة إلى أن المواطنين، ومنهم الحالات المستعجلة، يقصدون مستشفى محمد السادس بالمضيق، وهو ما جعل جهاز “السكانير” هناك يشتغل تحت ضغط شديد، في ظل إشراف طبيبة واحدة عليه.

وتابعت قولها: “بعدما كنا ننتظر تعزيز الموارد البشرية بالمستشفى إثر نزيف المغادرة الذي يهدد بشل مجموعة من الأقسام، تسبب عطل جهاز السكانير في شل خدمات أخرى، وأمام استمرار هذا النزيف الذي سيعرف مغادرة 32 من الأطر الصحية، منهم 21 ممرضا و11 طبيبا خلال سنة 2019، نرجوا أن تعطى الأهمية اللازمة لهذا المستشفى الجهوي عند توزيع حصص المستشفيات بالجهة من الأطر الطبية من ممرضين وأطباء متخصصين”.

وأشارت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، إلى أن تعطل الجهاز جاء بعدما كشف المدير الجهوي للصحة، في لقاء مع منتخبي البيجيدي، رفقة المدراء الإقليميين للصحة منذ أسابيع، أن المستشفى الجهوي “سانية الرمل” ستعزز تجهيزاته بجهاز الرنين المغناطيسي “IRM”، والماسح الضوئي الطبي “SCANNER” من الجيل الجديد.

“نداء استغاثة”

وكان أطباء بالقطاع العام في إقليمي تطوان والمضيق-الفنيدق-مرتيل، قد وجهوا “نداء استغاثة من أجل إنقاذ القطاع الصحي من السكتة القلبية”، معلنين خوض حداد عام إلى حين تدخل وزارة الصحة والحكومة لحل مشكلة الخصاص الحاد في الموارد البشرية والمستلزمات الطبية.

جاء ذلك في وقفة احتجاجية داخل المستشفى الإقليمي سانية الرمل بمدينة تطوان، خلال الأسبوع المنصرم، شارك فيها أطباء بإقليمي تطوان والمضيق-الفنيدق، بدعوة من النقابة المستقلة لأطباء القطاع العامة، حيث غيَّر الأطباء وزراتهم البيضاء بأخرى سوداء، معلنين الاستمرار في لبس السواد إلى حين الاستجابة لمطالبهم.

الكاتب الإقليمي للنقابة المذكور بإقليم تطوان، أحمد القايدي، قال في كلمة له خلال الوقفة، إن المستشفيات العمومية بالمغرب “لا تزال مستمرة في العمل بالقدرة الإلهية وتبرعات المحسنين”، مشيرا إلى أن مساهمات المتبرعين لم تعد تكفي لأداء مصاريف الممرضين والدواء.

وزير الصحة أناس الدكالي، قام بزيارة إلى المستشفى الإقليمي سانية الرمل، الجمعة المنصرمة، دون إخبار مسبق، وذلك من أجل الاطلاع على أوضاع المستشفى، في حين كشف مصدر مطلع لجريدة “العمق”، من داخل هذه المؤسسة الصحية، أن الوزير تفادى لقاء الأطباء المحتجين.

وأوضح مصدر “العمق” بمستشفى سانية الرمل، أن الوزير قام بهذه الزيارة بدون إخبار وسائل الإعلام، حيث عقد اجتماعا مع مناديب الوزارة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، ومع إدارة المستشفى، قبل أن يقوم بـ”زيارة خفيفة وقت الظهيرة لبعض أقسام المستشفى، من أجل الاطلاع على أوضاع ومشاكل المؤسسة الصحية”.

غير أن الوزير، يضيف المصدر ذاته، كان يتفادى لقاء الأطباء المحتجين الذين يرتدون الوزرة السوداء ضمن “حدادهم على الوضع الصحي بالإقليم”، مشيرا إلى أن الأقسام التي يتواجد فيها الأطباء أصحاب البدل السوداء لا يزورها الوزير، أو يُعجل بمغادرتها تفاديا للقائهم والدخول معهم في نقاشٍ حول مطالبهم.

وأضاف مصدر الجريدة، أن إدارة المستشفى حاولت إقناع الأطباء المحتجين بخلع الوزرة السوداء وارتداء البيضاء من أجل لقاء الوزير، غير أنهم ظلوا متمسكين بشكلهم الاحتجاجي، ما جعل الوزير يتفادى لقاءهم، لافتا إلى أن الدكالي وعد بحل عدد من مشاكل المستشفى، وعلى رأسها “غياب الأدوية والمستلزمات الطبية”.

* الصورة من احتجاجات سابقة للأطباء بـ”سانية الرمل”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *